إنقاذ معنفة على نظام «الفزعة»
تضطر املرأة أحيانا إلى أن تصنع من معاناتها مع العنف األسري قضية رأي عام، ذلك يتضح مما يتداوله الناشطون على مواقع التواصل االجــتــمــاعــي حـــول قــضــايــا الــعــنــف والحاالت التي يضطر أصحابها إلى اإلعان عن أنفسهم لتكون محط اهتمام املجتمع وسبيا للخروج بحل من نظمه املعقدة، فضا على أنها ظاهرة تجعل النساء واألطفال عرضة للوقوع فيها. ظـــهـــور حـــــاالت فـــرديـــة عــلــى مـــواقـــع االتصال ال يــعــنــي انـــعـــدام وجـــودهـــا كــظــاهــرة تتطلب الـتـعـامـل معها بمقتضى هــذه الـصـفـة وليس كحاالت فردية، غير أن انتهاج سلوك «اإلعان عن املعاناة» كحل يشير إلى وجود خلل وجزء نــاقــص فــي مـعـالـجـة املــســألــة حــتــى ولـــو كانت طريقة تتطلب التعامل معها كحاالت خاصة، إال أنــهــا تـسـتـخـدم كـوسـيـلـة لـلـضـغـط تشترط تـحـرك الجهات املعنية بـنـاء على مـا يـثـار في الرأي العام، وبالتالي ال تعتبر املنافذ األمنية ومــراكــز الـشـرطـة مثا وجـهـة مناسبة للسيدة الــتــي تـعـرضـت لـلـعـنـف أو جـهـة لــإبــاغ، رغم أنـــه يــعــول عـلـيـهـا الـــــدور األكـــبـــر فـــي التعامل مـع القضايا املخلة بـاألمـن االجتماعي، وهي مرتكز يبنى على وجوده وفعاليته مدى تطور املجتمع وضمان بقائه، ألن العنف قضية تمس األمــن االجتماعي وهــذه املـراكـز خايا نشطة، ومــــن املـــفـــتـــرض أن تـــخـــول بــالــتــعــامــل معها، وإن كـنـا سـنـقـول إن لـــــوزارة الـعـمـل والتنمية االجتماعية الـدور البارز في التعامل مع مثل هــذه الــحــاالت فـلـمـاذا ال تـؤخـذ مـراكـز الشرطة كـــقـــنـــوات لــلــربــط بـــني قــضــايــا الــعــنــف وطرق التعامل معها من قبل الوزارة. هناك إغفال لقضايا العنف املبنية على النوع االجتماعي واألسري، فبقي العنف في املجتمع السعودي أمرا عائليا ال يتم التبليغ عن معظم حـــاالتـــه وال يــتــم الــتــعــامــل مـــع تــلــك الحاالت كقضايا جنائية، وإن لـم تتم تهيئة املجتمع ومؤسساته فعليا على محاربة هذه الظاهرة فـسـنـشـهـد كــثــيــرا مــن الـــحـــاالت الــتــي تستنجد باحثة عــن اإلنــصــاف ثــم يـأتـي التعامل معها عــلــى طــريــقــة الــفــزعــة، لـكـنـهـا سـتـخـلـف صورة بائسة عن املجتمع السعودي من حيث ال يوجد لـهـا حــلــول نـظـامـيـة تــدخــل فــي حـيـز التطبيق ومن حيث ال تنتهي فيها هذه املعاناة.