Okaz

أنقرة وطهران.. الود على حافة االنهيار

- عبداهلل الغضوي (إسطنبول) @GhadawiAbd­ullah

بدا االمتعاض اإليراني واضحا من نتيجة االستفتاء الرئاسي الذي منح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان صاحيات واسعة، تجعله يمسك بزمام األمور في تركيا، األمر الذي لم يكن يروق للنظام اإليراني الذي اعتاد أن يبقى الثابت في بحر املتغيرات. ورغم تذبذب العاقات التركية ـ اإليرانية، بني ودية تارة ومأزومة تارة أخرى، إال أنها اليوم تشهد خافات أساسية وليست فرعية حـول قضايا تتعلق بالسياسة الخارجية. وكما أن أوروبــا أبـدت استياء واضحا من نتيجة االستفتاء، فقد بدا االستياء غير معلن، فيما عبرت عنه وسائل اإلعام سواء من خال التغطية اإلعامية أو الصحف الصادرة عشية االستفتاء بـ«نعم». وقــد هاجم اإلعــام اإليــرانـ­ـي االستفتاء، معتبرا النتيجة «نعم للديكتاتور­ية»، وقـالـت صحيفة «قانون» اإليرانية على صدر صفحتها األولــى: «الرجل الجورجي األصـل، من اآلن أصبحت بيده باد العثمانيني الحديثة، ويستطيع اختيار الوزراء ونائبه ويخطط وينفذ سياساته، وبطبيعة الحال لن يكون مسؤوال أمام البرملان». ليس هذا فحسب بل قالت «بولتني نيوز» املقربة من الحرس الثوري اإليراني: «لقد تهيأت األرضية لديكتاتوري­ة هتلرية في تركيا، وإن ثمرة أردوغان لتركيا ولدول املنطقة لم تكن غير الحزن والبؤس وسفك الـدمـاء». ومـا هـذا إال غيض من فيض اإلعــام اإليـرانـي الــذي بطبيعة الحال يعبر عن موقف املـالـي.. لكن السؤال ملاذا امتعضت إيران من النتيجة رغم حجم العاقات االقتصادية والجوار املشترك!؟ تختلف السياسة التركية واإليرانية على ملفني رئيسيني؛ األول، امللف السوري، إذ ترى تركيا الداعم األول للمعارضة السورية السياسية والعسكرية تهديدا لنظام األسد الذي تستميت إيران من أجل بقائه، ولطاملا رفضت إيران تشكيل تركيا لجبهة درع الفرات في الشمال السوري. وقد وصل االشتباك اإلعامي بني الطرفني ذروته الشهر املاضي بوصف الخارجية التركية، إيران بأنها دولة طائفية. أما القضية الثانية التي تعتبر بالنسبة لتركيا، هي دعم إيـران لحزب العمال الكردستاني «بي كا كا»؛ الذي تعتبره تركيا تهديدا ألمنها القومي. وتتهم أنقرة طهران بأنها تؤوي قيادات بارزة من هذا الحزب على أراضيها وأبرزهم جميل بايق العقل املفكر للحزب. هذا الخافات بني الدولتني الجارتني، بدأت تطفو على السطح، وتهدد ما بقي من مجامات دول الجوار، ولعل استمرار إيران بسياسة التدخل في شؤون دول املنطقة، ومنها تركيا سيفاقم حجم الخاف، خصوصا بعد أن أحكم أردوغان قبضته على الدولة التركية، إذ يرى املراقبون أن هذه الخافات مرشحة للتطور نحو األسوأ.

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia