اختيارات املانع ترجح باملوضوعي على الذاتي
ال يتأخر الشاعر املخضرم سليمان املانع عن مــوعــده فــي إزاحـــة الستائر عــن عــن الشمس ليصل الــوهــج إلــى وجـــوه محبيه، وتنبعث جمرة روحــه الشعرية فـي شـرايـن املتأبطن جراحهم إلى مستقبل مجهول. يكفي أن يلهج لسانك بـ(يا شينها ال صـرت بن اختيارين) حتى يوافيك السامع (مستقبلك وإال حبيب تـــــوده) فـــي هـــذا الــنــص املـــلـــيء بــزيــن الكالم، واملــفــتــتــح بــاالحــتــجــاج عــلــى الــخــيــارات غير املتكافئة (يا شينها ال صرت بن اختيارين، مستقبلك واال حبيب توده) يفتح املانع أبواب السجال مع الذات فالبراءة األولى واالختيار الذاتي تغليب العاطفة على العقل والذهاب مع الحبيب املحتل شغاف القلب إلى الهاوية دون تــــــرو أو انـــتـــصـــار لــحــيــاد ذهـــنـــي كون اإلنـــســـان املــتــحــضــر ال يــتــاجــر بــالــجــمــال، بل يــنــحــاز لــه كـلـيـًا خــصــوصــًا إذا كـــان الجمال محبوبًا واملحبوب جميال. يــهــمــس املـــانـــع مـــجـــددًا ويــجــهــر فـــي الوقت ذاتـــه (ويـــا شينهـا ال صــرت مــحــروم االثنن، وضاع األمل وشلون تقدر ترده) وهنا يبتعد بــاملــؤمــل عـــن أمــلــه ويــبــنــي بـــن عــاشــق وبن مـعـشـوق ســتــارًا حــديــديــًا مــن كــلــمــات، ليفتح املغرم عينيه على سراب ال حبيب يواسي وال مستقبل كاسي. يــنــتــمــي املـــانـــع إلــــى مــنــهــج شـــعـــري حـــــواري، يضع االحتماالت، ويعدد الخيارات، ويصنع بمهارة بابًا من سنديان ال حديقة خلفه وال سكن وإنــمــا بــاب مفتوح على الـتـأويـل (ويا شينهـا الخترت واحـد باالمرين، حبيب قلب ثم بيتك تهده. و يا شينهـا ال بـاع حبك ويا شن، حبك يهينك. اقطعه ال تمده). غـايـة الشعر صياغة فتنة الـكـلـمـات، وإعادة إيقاظ كلمات الفتنة غير امللعونة، واملــــــــــــــانــــــــــــــع مــــفــــتــــن بــــــــــــمــــــــــــطــــــــــــاردة الـــنـــحـــلـــة، ال لــــــيــــــعــــــرف مــــــــــــــــن أي ا لعنا قيد والــــــــــــــــــورود تصنع لــذة العسل، وإنـمـا ليقف إجالال ويـــعـــطـــي تحية احـــــــــــــــتـــــــــــــــرام لـلـمـصـادر الـنـابـضـة بـالـحـال (مستقبلك هو غايتك لـأسـف ويــن، مستقـبلك بـابـه حبيبك يرده). لـيـس بــالــضــرورة أن يـكـون املستقبل أمامنا كما يرى الشاعر، ربما كان فيما وراء الوراء، وال يـتـبـرم املــانــع مــن الـتـحـول لـنـاصـح نفسه (انـــس الحبيب ولــو هــو اغـــراك بـالـعـن، ترى املحبه تنجلي واملــوده. وغير مكانك واخلفـه بالعناوين، وقله صبرت وزاد بالصبر حده، وقـلـه عطيتك حــب روض الـبـسـاتـن، واسمع خـــالص الــحــب ال ال تـــعـــده، واكـــمـــل طموحك لو يجي عـام واثـنـن، مستقبلك قــدام والحب مده). الواقعية هنا أن يـكـون الشاعر موضوعيًا وهــــــو يـــعـــلـــن وجــــهــــة نــــظــــره (وجـــــهـــــة نظر واقولهـا لـك مـن الحيـن، مستقبلك.. مستقبلك ال ال تهده)، وكأنما هو يتقاطع مع (اللي مفارق محب يمكن سنة وينساه. بس اللي مــضــيــع وطــــن ويــــن الوطن يـــــلـــــقـــــاه)، لـــعـــل مـــــن أجمل الــــــردود عــلــى هــــذا النص (مستقبلي والله الخليه بــعــديــن، وامــشــي ورا الــلــي ضــيــع القلب صده).