احلاسد ليس قطريا
في نوفمبر ٦٨٩١م كنت في بغداد لحضور مؤتمر اتحاد الصيادلة العرب والــذي تزامن مع مهرجان املربد، كنا نسكن فندق الرشيد مع ضيوف املؤتمر واملهرجان وال نخرج كثيرا ألن الحرب بني العراق وإيران على أشدها وبغداد مهددة بصواريخ سكود، كنا نتسامر ليا في بهو الفندق وكان أكثر ضيوف املربد من (املحسوبني) على قضية فلسطني وثراء حساباتهم منها وبـعـض مـن دول عربية أخــرى ال تنعم بـمـا نعمت بــه دول الخليج مــن ثـــراء ورخاء ورفاه. لم يكن التسامر وديا قط، كان بعضهم يكيل السب والــشــتــم لـــدول الـخـلـيـج وفـــي مقدمتها السعودية، وكــنــت أجــادلــهــم وأطــيــل جـدالـهـم خــاصــة أنــي كنت أدرك كصيدالني أن الكحول يثبط العقل ويثير ما فــي الــصــدر وكــانــوا يــتــوافــدون مــن مـشـرب شهرزاد الذي يقبع قريبا منا في ركن ببهو الفندق فتخرج من أفواههم حمم من الكراهية أشبه بحمم بركان ثـــائـــر، وكــنــت أجــادلــهــم بـــهـــدوء الــســعــودي الواثق املحسود فيزدادون غيضا، حتى إن أحد الناصحني قال لي «اتركهم ال تجادلهم فهؤالء أسهل ما عليهم قتل خصومهم أو توريطهم مع السلطات!». تريدون الصراحة «خفت شوي». فـــي فــجــر الـــيـــوم الــتــالــي ســقــط صـــــاروخ ســكــود في حـي قريب مـن الفندق فاهتز مبنى الـفـنـدق، وبعد الظهر خرجنا في جولة في الحي املنكوب، سحق الصاروخ ٣١ منزال قبل انفجاره، وال أنسى مشهد عــدد مــن ســيــارات (الــوانــيــت) تسير حـامـلـة عشرات األكفان، شبهتها بعلبة كبريت مفتوحة. لم تحرك مشاهد الخسائر البشرية في البلد املضيف شعرة في رؤوس رواد مشرب شهرزاد، ليس لصلع، فأكثر ما فيهم شعرهم، وأقله شعورهم!. منذ ذلـك التاريخ وأنــا أعتقد، ومـا زلــت، أن الحاقد على وطني هم ممن نسوا الله فابتاهم بحكومات فـــاســـدة جـــــاءت عــلــى دبـــابـــة وخـــلـــف مـــدفـــع وأكلت خـــيـــرات الـــبـــاد وتـــعـــمـــدت حــرمــانــهــم وأعاشتهم فــي عــوز دائــم فهم لنا حــاســدون، وأتــذكــر أمانيهم وتوقعاتهم بنكبة تصيب وطني فيفتقر!، ومضت السنني وبقيت السعودية يــدًا عليا تعطي بسخاء وأياديهم سفلى تأخذ من كل من يرمي لها بدوالر أو روبل أو شيكل!. ما زلت على ظني فنفس هؤالء ومن على شاكلتهم، ممن احتفلوا بـغـزو الـكـويـت ورقــصــوا على ضرب الـــــريـــــاض وتـــمـــنـــوا زوال نــعــمــة قـــطـــر واإلمـــــــــارات وتسعدهم فتنة فـي البحرين، نفس هــؤالء وجدوا في قناة الجزيرة وبعض املؤسسات القطرية مرتعا لقذف حمم براكني حقدهم ونفث سمومهم وتفريغ حسدهم. املواطن القطري كريم بما أنعم الله عليه فا يحسد، ومــنــتــم ألصــلــه فـــا يــحــقــد، ومــرتــبــط بـــجـــذوره فا ينفصل عن السعودية وال يكيد ألهلها وال يخون وال يـشـذ عــن جـمـع الـخـلـيـج، وال يعيب شـعـب قطر إن أفلح شياطني الحقد مع واحـد أو اثنني فنزغوا بني ابن وأبيه أو أخ وأخيه أو طمع ابن عم في حكم ففرق ليسود.