Okaz

قطر.. واجلمع بني املتناقضات

- نايف بن سعيد العطوي

nayif_saeed@hotmail.com لـنـبـدأ الـحـكـايـ­ة مــن آخــرهــا وتــحــديـ­ـدا عـنـد أكــذوبــة اخــتــراق وكــالــة األنباء الـقـطـريـ­ة، وهـنـا البــد مــن اإلشــــار­ة الــعــادل­ــة بـأنـه يـحـدث دائــمــا فــي األعراف والتقاليد الدبلوماسي­ة تراجع الدول عن تصريحاتها حتى بعد توثيقها عبر القنوات الرسمية، ألسـبـاب مختلفة، أغلبها يــدور حــول مصالح تلك الـــدول الـتـي ستتأثر سلبا بسبب تلك التصريحات؛ فيعمد ساستها إلى تعديل أو نفي تلك التصريحات، وغالبا يأتي النفي عبر العبارة الشهيرة «الـتـصـريـ­ح خــرج عــن ســيــاقــ­ه»، وبــمــا أن هــذا الـنـفـي أو الـتـعـديـ­ل يقبل في الغالب، فمن املنطقي أن نقبل نفي الدولة لتصريحات منسوبة لرئيسها تم اختراق أجهزتها الرسمية. فما بالك إذا كانت هذه الدولة عضو أصيل في الجسد الخليجي! إال أنه في الحالة القطرية بالذات ال يستطيع عقلي قبول عذر ذلك االختراق. وحاولت أن أقنع نفسي وأحسن النية، وأقـدر كل ذلك الكم الهائل من عمق االرتباط الخليجي بقطر على كل األصعدة، إال أنني أصطدم بادعاء اختراق آخر في التليفزيون الرسمي القطري، وادعاء آخر باختراق وزارة الخارجية القطرية، وادعـــاءا­ت كثر الختراقات في قنوات رسمية سياسية وإعامية قــطــريــ­ة عــــدة، بـالـلـغـت­ـني الــعــربـ­ـيــة واإلنــجــ­لــيــزيــ­ة تـتـضـمـن نــفــس املحتوى. متسائا لو أن هذا «االختراق» حدث لدولة أخرى، ولنقل الكويت مثا، ترى هل ستحدث كل هذه التداعيات، أجزم بأن اإلجابة ستكون بالنفي. ولكنها قطر.. وما أدراك ما قطر. هذه الدولة الصغيرة، تملك ذراعا إعامية مؤثرة جدا في املنطقة والعالم يتمثل في قناة الجزيرة، التي أصبح لها جماهيرية غير مسبوقة عربيا خاصة في العشر سنوات األولــى. أيضا لقطر ذراع مالية تتمثل في الغاز والنفط، جعل منها دولة تسبح في األمــوال. أما الـذراع الثالثة فهي قاعدة العديد األمريكية والـتـي تتفاخر قطر بـوجـودهـا، متخذة منها قــوة ردع إقليمي كما تظن. هذه األذرع الثاث أسقطت قطر في فخ الغرور، وجعلتها تتوهم الريادة في العالم العربي، فانطلقت سريعا نحو محاولة السيطرة والتمكن دون حساب لعواقب هذا الوهم، فعاثت فسادا في الـدول العربية بداية من القاهرة مرورا بطرابلس ثم صنعاء ودمشق. قطر تلك الدولة التي دأبت على الجمع بني املتناقضات، تدعم حماس ثم تفتح مكتبا للعاقات التجارية مع إسرائيل، تنادي عبر أبواقها للسام وتنسج خيوط الخيانة لإلطاحة باألصدقاء، تثمن عاليا دور األخوة والدم الواحد فتدعم اإلرهاب في البحرين، تنادي باستقال القرار العربي وتحتضن أكبر قاعدة أمريكية في املنطقة، تدعم بالساح واملال الحرب ضد النظام السوري وتصف إيران بصديق املنطقة، تشارك في عاصفة الحزم وتدعم الحوثي. تـمـادت كثيرا حتى وصــل بها هــذا الـوهـم للتطاول على مـقـام السعودية وبقية جيرانها، فأخذت تمارس انتهاكات جسيمة تضر باألمن الوطني السعودي والخليجي، كالتحريض للخروج على الـدولـة، ودعـم املنظمات اإلرهابية كداعش والقاعدة وجماعة اإلخــوان املسلمني، والترويج بشكل دائـم ألدبيات ومناهج تلك املنظمات عبر وسائل اإلعــام القطرية، ناهيك عن الدعم واملساندة لجماعة الحوثي، مرورا بدعم النشاطات اإلرهابية في شرق اململكة. متناسية بذلك وعن عمد كل العهود واملواثيق التي أقامتها سـابـقـا مــع دول الخليج والــتــي كــان آخــرهــا تعهدها فــي الــريــاض بتنفيذ االتفاقية األمنية الخليجية التي تنص على امتناع جميع األعـضـاء عن التدخل بالشؤون الداخلية للدول. ثم جاءت الطامة عبر تلك التصريحات التي أطلقها تميم «رغم دعوى االختراق»، لتكشف للجميع مدى الحقد الذي تعاني منه قطر منذ بداية مراهقتها السياسية، ولعل القمم الثاث التي عقدت في الرياض أخيرا هي من عجل بخروج تلك التصريحات، فكان لزاما على اململكة العربية السعودية أن تنفض عنها غبار املجامات السياسية، وتتخذ مع بقية جيرانها وأصدقائها هذا املوقف الحازم الذي وضع قطر

في أسوأ حال لها منذ تأسيسها في سبعينات القرن املاضي.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia