حكومة قطر.. ملاذا؟!

لن أتطرق للبحث في أسباب نهج حكومة قطر العدائي الغادر مع كثير من الدول العربية من خال دعمها للفوضى وثورات الخريف العربي، فهذا يمكن أن يذكر له الكثير من املبررات غير املنطقية، لكن سأحاول البحث في سبب العاقة التي جعلت املتناقضني املتضادين واملتحاربني علنا إلى أن تكون حكومة قطر صديقا مشتركا لهم. حــكــومــة قــطــر لــهــا عــاقــتــهــا بــحــركــة اإلخـــــــــوان، وكـــذلـــك بعض الليبراليني، لها عاقتها مع حماس وكذلك عاقة مع الكيان الصهيوني، لها عاقتها مـع إيــران التي تـحـارب فـي العراق ويتوعد أذنابها هناك دول الخليج وهي عضوة في مجلس التعاون الخليجي، تدعم حزب الشيطان وتعمر له الضاحية ثم تتباكى على القصير في سورية، تشارك التحالف العربي في اليمن وتدعم الحوثي. هــذه املتناقضات نحن فيها بـني افـتـراض أمـريـن فيما يخص حكومة قطر، فاالفتراض األول أن حكومة قطر تدعم أحد النقيضني بصدق وبالتالي يكون دعم نقيضه هو اتقاء لشره، أم االفتراض الثاني أنها تمارس النفاق «مذبذبني بــني ذلــك ال إلــى هـــؤالء وال إلــى هـــؤالء» (341الـنـسـاء) أي كما يقال بالدارجة

ََ ََّ َْ ٌَ ََ ََ ََ ََ ََّ –يلعبون على الحبلني- «الذين يتربصون بكم فإن كان لكم فتح من الله قالوا

َِ ََ ألم نكن معكم وإن كان للكافرين نصيب قالوا ألم نستحوذ عليكم ونمنعكم من املؤمنني». 141( النساء). أما فيما يخص األضداد املتحابون في حكومة قطر فهذه حالة عصية على الفهم، إال إن افترضنا أنهم يخادعون حكومة قطر وهي تخادعهم، ويعلم كل منهم أنه يستغل اآلخر وملرحلة معينة حني جني الثمار، ليغدر كل منهم بحليفه، وهنا يجب أن نفترض أنهم جميعا يعرفون ذلك وراضون بهذا الوضع، فإن كان الحال هو ما افترضناه فمن منهم يمكن أن يثق به املواطن البسيط الذي يرى في قادته الشرف واملبادئ التي تستحق التضحية والفداء. موقف املـواطـن البسيط هو املحير في حالة املنتمني لهذه األضداد، إذ كيف يقتنعون بــأن حكومة قطر داعــمــة ملشروعهم وهــم يرون رأي العني أنها تدعم الطرف املضاد لهم، كيف اقتنع أتباع حركة اإلخــوان واملتعاطفون معها بأن حكومة قطر داعمة لهم وهي تدعم حـزب الله في لبنان، وفـي نفس الوقت أيضا تستضيف الصهاينة في قطر، بل شاهدوا كيف زار الصهاينة قناة الفتنة الجزيرة، فأي شرف وأي عقل يثق بدعم هذه الحكومة.

أيضا كيف ألتباع جماعات الحركيني أن يثقوا بحكومة هي من أدخل َُّ َْ َُ َُ َْ َْ ُُ َِ نجاد الى قمة مجلس التعاون الخليجي، «لهم قلوب ال يفقهون بها ولهم أعني َِْ َْ َُّ َِ ال يبصرون بها ولهم آذان ال يسمعون بها ؤ أولئك كاألنعام بل هم أضل ؤ أولئك هم الغافلون»، أم أن جماعتهم ال تمانع من ذلك بدليل أنها ملا حكمت مصر أدخلت نجاد الى األزهر ليرفع شعار النصر من هناك -صورة ملا رأيتها اقشعر جسمي-. يبقى الـسـؤال: ملــاذا يتعاطف بسطاء الجماعات مع حكومة قطر؟ ما السر الذي جعل املتعاطفني مع هذه الجماعات يغضو طرفهم عن هذا التناقض الصارخ؟ هل يستطيع اإلعام أن يغيب العقل الى هذا الحد؟ أم أن هذه الجماعات استطاعت تسخير محبيها للطاعة العمياء؟