«املعدة القطرية».. نسيتم تاريخكم !

«الـتـاريـخ ال يقول وداعــًا أبــدًا، الـتـاريـخ يقول سـأراكـم الحــقــًا».. تنطبق هــذه الحكمة الـشـهـيـرة لــلــروائــي األوروغــويــانــي الــراحــل إدواردو غـالـيـانـو عـلـى الـقـطـريـن الذين انشغلوا في ساحة «تويتر» باالنتقاد والتهكم ضد تصريحات الزميل جميل الذيابي عن «املعدة القطرية» وعدم قدرة املواطن القطري على التأقلم مع املنتجات التركية التي ال تتسق مع عاداته االستهالكية، فجميع هؤالء إما لديهم ذاكرة هشة أو ال يعرفون تاريخ بلدهم وكيف كانت «املـعـدة القطرية» يوما ما دافعًا الستقالل قطر من الهيمنة العثمانية على يد مؤسسها الشيخ جاسم بن محمد آل ثاني بعد أن أذاقت القطرين الحصرم لسنوات. وملن ال يدرك ذلك، ففي العام 1871 دخلت الحامية العثمانية دولة قطر بحجة حمايتها من النفوذ البريطاني، ورحب حينها املؤسس الشيخ جاسم بن محمد بن ثاني بقدومهم لثقته في دولة الخالفة اإلسالمية وللتصدي لبريطانيا التي قامت باختالق املشكالت مع قطر كذريعة للتدخل في شؤونها وفرض هيمنتها عليها، حيث اتهم اإلنجليز القطرين في ذلك الحن بالقيام بعمليات قرصنة واضطهاد رعاياها التجار. ولـكـن الــدخــول العثماني الـنـاعـم إلــى قطر تـحـول الحـقـًا إلــى احـتـالل وكــابــوس جثم على صدور القطرين ألكثر من عقدين من الزمان، فبدال من أن تقوم الدولة العثمانية بالوقوف إلى جانب حاكم قطر الشيخ جاسم، استغلت مخاوفه من االحتالل البريطاني وفرضت هيمنتها على قطر ورفعت العلم التركي على ميناء «البدع» في يوليو ،1871 وقامت الدولة العثمانية بإنشاء دائرة للجمارك وفرض الجزية، فتضاعفت أسعار التموين الغذائي واالحتياجات األساسية التي كانت تستورد مـن إيــران والــعــراق بسبب الضرائب واإلتـــاوات التي فرضها العثمانيون على املواطن القطري، وتحت وطأة تلك الظروف القاسية والجوع، تمردت قطر على الوجود العثماني، فتوجه والــي البصرة العثماني محمد حافظ باشا في منتصف شهر فبراير 1893 إلـى الـدوحـة برفقة طـابـور الـرمـاة الـحـادي عشر املـكـون مـن 200 جندي إلعــادة إخضاعها تحت السيطرة العثمانية. وثــم فـي مثل هــذه األيــام مـن شهر رمـضـان املـبـارك وبتاريخ 25 مارس ،1893 اندلعت معركة «الوجبة» نسبة إلى املنطقة التي أقام بها الشيخ جـاسـم بـن محمد، وانـتـصـر فيها بمساعدة مـن القبائل املـتـواجـدة في منطقة الخليج على القوات العثمانية بعد معركة استمرت ألقل من يوم وقتل فيها عشرات الجنود األتراك بما فيهم قائد الحامية العثمانية في قطر يوسف أفندي، فيما فر الوالي محمد حافظ باشا مع من تبقى من الجنود على منت الباخرة العثمانية «املريخ»، عائدًا من حيث أتى يجر أذيال الهزيمة. كان هذا جزءًا يسيرًا من حقائق تاريخية املفترض أن يأخذ القطريون منها العبر والدروس، بدال من االنجراف خلف مخططات املتقطرنن من بقايا القومية وفلول اإلخـوان املتمترسن في قناة الجزيرة، والذين يروجون ويتغنون ويطبلون اآلن لقدوم السلع الغذائية التركية ومذاقها الرائع، والتي سوف يتبعها قدوم وشيك لجحافل القوات العسكرية التركية، ليعيد التاريخ نفسه.. أو كما قال أنيس منصور: «نحن ندرس التاريخ، ولكننا ال نتعلم منه» !