هل كان املعّري صديق الفقهاء ولم يكن ضاًال؟
أرجـــــع الـــدكـــتـــور «عــبــدالــرحــمــن الـــجـــرعـــي» املعلومات املغلوطة عن أبي العالء على كتبه، ونسبة بعض األبيات إليه مع أنها ليست له، إضافة إلى بعض الحكايات التي يستدل بها على ضالله مع أنها ال تصح عليه، وعدم فهم املراد من كالمه؛ ألنه كان كثيرا ما يعتمد املعنى العميق البعيد، وال يبالي باإللغاز أحيانا، فله خطاب خاص ولغة خـاصـة. وأكــد «الـجـرعـي» فـي محاضرة عـن «أبي العالء املعري والفقهاء» في نادي أبها األدبي وأدارها الدكتور «أحمد بن محمد الحميد»، أن املـعـري مـر في حـيـاتـه بـشـك ثــم اضــطــراب، ثــم اســتــقــرار، وكـــان ممجدا للعقل، لكن ذلـك التمجيد املؤسس له كركن معرفي لم يكن بمعزل عن الدين، فقد كان كما قيل فيلسوفا جامعا لبعض الـشـذرات من هنا وهـنـاك، ولـم يكن على منهج الفالسفة القدماء، ولم يكن له مذهب عقدي وال فقهي، بل لعل الجميع قد ناله شيء من نقده. وطــالــب «الــجــرعــي» بــوجــوب مــراعــاة أمـــور كـثـيـرة عند الحكم على املــعــري، كمعرفة اضــطــراب عـصـره، وكثرة الفنت والقالقل والطوائف، والتحقق من نسبة ما نسب إلـيـه فالعديد منه ال يصح كــزيــادة (كــل يحبذ دينه... ياليت شعري ما الصحيح) التي نبه إليها «امليمني» و«الـجـنـدي» وغيرهما، إضـافـة إلـى فهم مـا يرمي إليه املعري، فهو عميق وملغز في كثير من أبياته وعباراته، وعـدم مالحظة ذلـك يوقع في التسرع والخطأ في فهم املـــراد. وأكــد «الـجـرعـي» أن املـعـري كــان مستقال عـن كل املذاهب والطوائف ونالها بشواظه، ما أوقعه في بعض االضطرابات الفكرية، والقول ببعض األقوال التي جعلت البعض ينسبه لهذا املذهب أو ذاك، وعند التحقيق ليس األمر كذلك، واستشهد بموقفه من الفلسفة فهو ال يقول برؤيتهم للكون والــحــيــاة، ولكنه انتقائي فــي نظرته لبعض األمور برؤية فلسفية خاصة.