«اإلخوان».. مهد األيديولوجية اجلهادية
تحت مظلة متغيرة من بلد آلخر، ينتشر تنظيم اإلخوان املسلمن في كل مكان من العالم العربي.. من مصر واألردن والسودان والكويت، إذ لهم تمثيل مهم في البرملان، إلى سورية واليمن، وبلدان املغرب العربي تحت مسميات مختلفة مثل «حماس» بفلسطن والجزائر، الجبهة الوطنية اإلسالمية بالسودان والحركة اإلسالمية لنيازي ورباني بأفغانستان، وحـركـة النهضة والـتـيـار اإلســالمــي بتونس وحــزب الـعـدالـة والتنمية بتركيا واملغرب، إضافة لجماعة العدل واإلحسان التي تنشط باملغرب. وبــرغــم مــا يــشــاع عــن أن عـنـاصـر تنظيم اإلخــــوان املسلمن مهيكلون ومنظمون، إال أن ذلك غير وارد في واقع األمر، ويبدو أن ما يشاع عنهم نسبي بالنظر لالنشقاقات التي تحدث بينهم، وتغيير أجنداتهم من موقع آلخر دون مراعاة املصالح العليا للبلد الذي يحلون فيه. سعى تنظيم اإلخوان في السنوات األخيرة إلى إحياء فكر جديد، يظهر للمتلقن بأنه مغاير، لكنه في جوهره زبدة الفكر «املتعصب» الذي نادى به املؤسسن األوائل لحركة اإلخوان، ففكرة إحياء «عقيدة» اإلخوان هي في األساس إحياء فكرة الحماس الديني الثوري الجهادي املماثل لذلك الـذي كان سائدا خالل القرون األولـى من اإلســالم. وقد اشتغل التنظيم على هـذا املبدأ في البلدان العربية التي وجـد فيها وحتى في الغرب (أوروبــــا وأمــريــكــا). وسـعـى نحو تحقيق هدفهم وهــو وضــع الشريعة كقاعدة عليا في األراضي التي يسيطرون عليها. والذي يؤدي في نهاية املطاف إلى تطبيق الشريعة اإلسالمية ومن ذلك استعادة الخالفة في جميع أنحاء العالم. ورغم ما أبداه بعض قادة اإلخوان من تفتح وإضفاء صورة معتدلة وقــــــبــــــول الــــتــــنــــوع الفكري والتعدديةوالديموقراطية، إال أن الــفــكــر الحقيقي، يـــــــغـــــــيـــــــب فـــــــــي حــــضــــور املــســعــى الراديكالي األيــــــديــــــولــــــوجــــــي. وخـــيـــر مـــثـــال على ذلــك حــزب النهضة بـــــتـــــونـــــس املمثل فـي رئيسه راشــد الغنوشي والـــذي طاملا ظهر بـصـورة املتفتح، إال أنه يثير الكثير من «رجعية» فكره ورفض األنظمة العربية القائمة، يقول املختص في الحركات اإلسالمية والشرق األوسط، الكسندر فال دال: «اإلخـــــوان املسلمون لديهم قـــدرة غير مسبوقة فــي التكتيك وتكييف خطاباتهم وطريقتهم في استغالل الظروف واألمكنة حسب ما تقتضيه مصلحتهم، لكنهم يخططون فــي الـخـفـاء إلقــامــة خـالفـة إسـالمـيـة من املحيط إلى الخليج، فهم ال يختلفون عن التنظيم اإلرهابي القاعدة أو داعش». في عام ،1990 نشر يوسف القرضاوي، الزعيم الروحي غير الرسمي لجماعة اإلخـوان املسلمن، كتابا بعنوان «أولويات الحركة اإلسالمية في املرحلة القادمة»، الكتاب جاء في 186 صفحة، يعتبر هذا اإلصدار املرجع األساس للفكر اإلخواني الحالي، جاء في مقدمة هذا الكتاب بقلم يوسف القرضاوي: «الحركة اإلسالمية هو العمل الجماعي واملنسق للشعب كله الذي يؤول إلى استعادة القيادة اإلسالمية في العالم تحت رايــة الشريعة وصـمـن نسق الـخـالفـة»، وقــدم الـكـتـاب كيفية استعادة «نــظــام الـخـالفـة اإلســالمــي كـمـا هــو مـطـلـوب فــي الــشــريــعــة». ويعرض الكتاب األولويات وطريقة عمل هذه الحركة حتى باللجوء إلى القتال مـن أجــل إقـامـة دولــة «الـخـالفـة». مــارك الفـيـرن، املختص فـي الحركات اإلسالمية يقول «إن تنظيم اإلخــوان يـروج لفكرة الوسطية واالعتدال وفي الواقع ال يختلف فكره عن الفكر املتطرف بدليل تحالف التنظيم مع التنظيمات الجهادية في ليبيا...». ويضيف مارك ال فيرن، أن بعض القادة اإلخوانين، يكرسون هذا النهج كالقرضاوي، الذي يعتبر الزعيم الـــروحـــي غـيـر الرسمي لإلخوان املسلمن، حيث يقول إن اإلسالم ســــــــيــــــــعــــــــودإلــــــــى أوروبافاتحاومنتصرا،«بعدطرده مــــنــــهــــامـــــرتـــــن. وهــــذهاملـــــرة،أرىأنغـــزوأوروبــــا ســـــيـــــكـــــون بــالــلــجــوءإلــــىالـــوجـــودوالنفوذ داخـــــــل املــــؤســــســــات الرسمية، وتــــــغــــــيــــــيــــــر الـــــخـــــطـــــاب األيــــــــديــــــــولــــــــوجــــــــي، ومـــن هـنـا يكون الــتــنــظــيــم نافذا وقــــــــــــــــــــادرا على فرض هيمنته».