هل للفقير حق أن «يتفشخر»؟
نحن وأبناؤنا، نتزوج لتسكن أنفسنا إلى إنسانة نحبها وتودنا وترضى بنا على «قرادة» وضعنا، لنحقق ما شرعه الله ونجري سنة سيد البشر وهو الـقـائـل «مــن رغــب عــن سنتي فليس مــنــي»، وبكل مـا يحويه الـــزواج مـن إيجابيات يظل أحـدهـا هو سـيـد األمــانــي ومــربــط الــفــرس والــجــمــل أيــضــا، أال وهو أمنية كل زوجني أن يرزقهما الله بطفل ينير بطلته حياتهما ويشنف أذانهما بصوته الذي هو بالنسبة لهما أعــذب لحن موسيقي سمعاه أو قد يسمعانه، ويـأتـي االبــن ذكــرا كــان أو أنـثـى ال فرق ونطير فرحا ثم تبدأ رحلة املليون ميل التي تبدأ بخطوة، هـم الـحـرص عليه حتى ال يشاك بشوكة ثــم تربيته حتى يشتد عـــوده أو غصنه الـــذي في هــذه األيــــام مــع الــرضــاعــة غـيـر الطبيعية الغصن يعتبر إنجازا معتبرا يقام له، ثم رحلة التعليم ثم الوظيفة فالزواج وتوابعه من تكاليف، خصوصا أنها صـارت هـذه األيــام بـ«الهكي» والــذي لم يفهم معنى هذه الكلمة يعني بـ«الكوم» والذي لم يفهم ال هذه وال تلك نجيبها باالنجلو ارابك «تومتش»، واملصيبة أنه مع ذلك فهناك جماعة فقر و«عنطزة» وأعرف أن ما حيلتهم إال اللظى وفي فرح أبنائهم الـذي جمعوا ميزانيته ليس من عـرق جبينهم بل من جبني الـديـون وعــرق اآلخـريـن؛ هــؤالء يضعون على كل طاولة دهن العود والشكوال وال ضير من بعثرة كم جنيه ذهـب، املهم مالنا وطوالها طبعا «أجـــعـــص» مــوظــف اآلن مــا يــقــدر وال عــلــى «نتفة صـغـيـرونـة»، مـن تكاليف األفـــراح والـلـيـالـي املالح والسهر حتى الـصـبـاح. ويبقى الــوالــدان وبالذات األب الــذي هــو أصــال مــن قبيلة املـفـالـيـس، وفخذه فــقــران وجـــده شــحــات بــن مسكني مــا يملك شروى نقير وال أماني فقير، فيضطر إلعالن النفير نبيع «حــتــة» األرض الــتــي اشــتــريــنــاهــا لــلــيــوم املوعود املفقود، وبحكم أن ســراه مـع البنك العقاري يحل بــعــد 15 ســنــة فــالــحــي أبــقــى مـــن املـــيـــت، لـــذا يبيع األرض ويأخذ فوقها أو تحتها قرض املهم يزوج «الواد» أو «البنية» وعساها ما حركت وتبدأ رحلة الديون. وقــد يلجأ لتسديد الـديـن بالدين، ومــا أطـولـك ليل ومــــا أقـــصـــرك نــهــار الـــــذي يــنــطــوي بــســرعــة الريح ورب األســرة يجري من هنا وهناك لتدبير القسط ويفاجأ بنهاية النهار املرهق وهو لم يحظ بحتة ولو صغيرونة من املبالغ التي عليه ال من هنا وال مـن هناك ويـبـدأ ببيع مـا خــف وزنــه وقــل ثمنه من بعض األسهم املضروبة على قفاها أو قد يتفاهم مع أم العيال على بيع (حتتني) الذهب التي حيلتها أو كــــام قــــرش الــتــي (خــنــصــرتــهــم) مـــن املصاريف و(حـايـشـتـهـم) لــعــوزة ولــأليــام الــســودة الـتـي كانت فاكراهم يوم واحد وما راح يعود طلعوا عد واغلط. وكـــانـــت فـــاكـــرة أنــــه إذا احــتــاجــت سـتـبـيـعـهـم حبة حبة ولكن طلع أكل اللوز بالكيلة. أو ربما انتظار مـا سيحصلون عليه ملـا يحل «الــســرا» مـن جمعية األقارب واألصحاب وهي في كل حال مبالغ «ما تبل الــريــق»، لكن أكيد حاتنشفه ملـا يأتي وقــت تسديد القسط الشهري. على كل (ايش يسووا) بقلة الحيلة. وتعود األسرة متوسطة الحال ناهيك بالتي حالها حال إلى دوامة الديون التي ال تنتهي، كاملستجير من الرمضاء بالنار. ولسان حالهم يقول: ال حول وال قوة إال بالله. هل من حل من املجتمع املدني أو العام يخرج هذه األسر من محنتها وقلقها املستمر على مستقبل األوالد وال نقول األحفاد. هل الترشيد يكفي هذا إذا كان هناك شيء يترشد. سؤال مطروح والجواب مفتوح حتى يغلق هذا امللف.