الطيور على أشكالها تقع
قل ما تتوافق منهجية وآليات دول في إدارة شؤون بالدها مع بلدان أخرى، ونادرًا ما تتقاطع أنظمة حكم مع أخــرى، ولعل من املفارقات أن يجد النظام اإليراني قبوال في قطر، رغم أنه مناقض ألدبيات معظم األنظمة املتعارف عليها عامليًا وعربيًا وخليجيًا، فالنظام اإليراني يمنح املرشد األعلى، أو الولي الفقيه السلطة املطلقة فـي اختيار الرئيس ورســم السياسات وتغذية الـحـرس الـثـوري وخالياه النائمة والقائمة داخليًا وخارجيًا بالوصايا والخطط ودعم اإلرهاب وامليليشيات املتطرفة. ولعل هذا الخط اإليديوسياسي ال نظير له في كل األنظمة، إال أن األحداث األخيرة كشفت عشق قطر لفكرة ولي الفقيه وتبنيها بما يوازيها محليًا من خالل اعتماد «واليـة األمير» في ظل رصد مراقبن أوجـه شبه بن النظامن القطري واإليراني حتى في االتهامات املوجهة للدولتن من جانب قوى إقليمية ودولية عدة، نتيجة لتوافق األدبيات واملنهجية وآليات الطموح السياسي لتحقيق أهدافهما، بدعمهما اإلرهـــاب، والتدخل فـي الـشـؤون الداخلية لــدول املنطقة، وزعـزعـة االسـتـقـرار في الشرق األوسط. وكما أن الولي الفقيه املـزعـوم هو الحاكم الفعلي، فـإن «األمـيـر األب» يتحكم في خيوط اللعبة من وراء الكواليس، ويتولى معظم السلطات، ما أنتج سياسات مـأزومـة خصوصًا مـع دول الــجــوار، عبر تأسيس عـالقـات مـع الجماعات املتطرفة وامليليشيات اإلرهابية. وتشير دراسات لـ «مركز املستقبل لألبحاث والدراسات املتقدمة» أن طهران والدوحة تتقاطعان في تبني سياسة مزدوجة في التعامل مع الدول وتناول األحداث واألزمات بأكثر من وجهة نظر، وتوسيع هامش املـنـاورة املـتـاح أمامهما على الساحة الخارجية. وفتح قـنـوات تـواصـل مـع األضـــداد والخصوم بهدف دعـم الجهود التي تبذلها الدولتان لتعزيز حضورهما في املنطقة. وتؤكد الـدراسـة أن عالقة الدولتن مع التنظيمات اإلرهابية أبـرز تجليات السياسة املـزدوجـة. فعلى الرغم من حرص طهران والدوحة على الترويج ملزاعم مشاركتهما في الحرب ضد اإلرهـاب، فإن ذلك ال ينفي أنهما أسستا عالقات وتوصلتا إلى تفاهمات مع تلك التنظيمات، السيما تنظيما «القاعدة» و«داعش» حرصًا على تجنب تعرضهما لعمليات إرهابية من جانب تلك التنظيمات.