كي ال نشارك في ترويج الرداءة
الـكـثـرة الـزائـفـة للنمط االسـتـهـاكـي الـــذي تتسم به الساحة الفنية العربية، وخاصة في مجالي الغناء واملــســرح، ال يحجب حقيقة أن هناك أعـمـاال رفيعة املستوى تحترم ذائقة املتلقي وال تشكل تعديا على الذوق العام، كما الحال مع ما تتعمد شركات اإلنتاج تـقـديـمـه وتـسـهـم كـثـيـر مــن الــقــنــوات الـفـضـائـيـة في ترويجه، واملشكلة التي يعاني منها هذا الفن الرفيع ومن يقومون عليه هو حالة اإلقصاء التي يتعرض لــهــا، انــطــاقــا مــن تــوهــم شــركــات اإلنـــتـــاج وقنوات التلفزيون من أن الجمهور ليس لديه الصبر، كما أن ليس لديه الرغبة في مشاهدة مسرحية جادة أو أغاٍن ال تتسم بالصخب واإليقاع السريع، ولهذا كله تسيدت الساحة الفنية أعماال ال تنم عن وعي بالفن وال تحرص على االرتقاء بالذائقة. وإذا كـــانـــت هــيــئــة الــســيــاحــة لــديــنــا تــســعــى اليوم لتعويض املواطنني عما فقدوه وافتقدوه طوال ما يـزيـد على عقدين مــن الــزمــن مـن االسـتـمـتـاع بالفن مسرحا وغـنـاء دون حـاجـة إلــى أن يـشـدوا رحالهم إلى هذه العاصمة أو تلك، فإن على هيئة السياحة أن تـعـي مــا الـــذي ينبغي أن تستضيفه أو توافق على استضافته من الفنانني، سـواء كانوا مطربني أو ممثلني، بحيث ال تقع في دائــرة ترويج الرداءة فنجد على مسارحنا مهرجني تحت مسمى ممثلني ال يتجاوز ما يقدمونه التراقص على املسرح وتوزيع الــنــكــات الـبـائـسـة والــحــركــات املـبـتـذلـة، كـمـا ينبغي عليها أن تتحرى الفن الرفيع فيما تقدمه أو تجيز تقديمه فا تصبح مسارحنا مستباحة من قبل ذوي الغناء النشاز الذين ال يبحثون عن جمهور يحسن السماع، بل جمهور يحسن «هز الوسط». على هيئة السياحة دور هام في إعادة ترميم الذائقة، غير أن قدرتها على ذلـك تصبح مشكوكا فيها إذا دارت الفعاليات الفنية في فلك النمط املستهلك للفن الذي أفسد الذائقة فسادا، ليس من السهل عاجه إال إذا حرصنا على أال تكون فعالياتنا قنوات جديدة لترويج الرداء ة.