Okaz

«المملكة» وجهة رؤساء فرنسا الشرعيين

-

لم يحدث أن تجاوز قاطنو «اإلليزيه» التقاليد الفرنسية املعروفة في الجمهورية الفرنسية، منذ عهد ميتران وشيراك في عاقتهم مـع الخليج الـعـربـي، إذ كـانـت السعودية الـوجـهـة األولـــى لرؤساء الجمهورية الفرنسية، فعاقة أي رئيس فرنسي منتخب العتاء قصر اإللـيـزيـ­ه كـانـت وطــيــدة مــع الــريــاض. ولــم يسبق ألي رئيس فـرنـسـي مـنـذ عـهـد مـيـتـران بــزيــارة لــإلمــار­ة الـصـغـيـر­ة «قــطــر» قبل زيارته للسعودية. وكانت الزيارة الرسمية األولى مليتران بعد انتخابه إلى السعودية، وفعل ذلك جاك شيراك في زيارات متكررة للمملكة ولصديقه امللك فهد بن عبدالعزيز (رحمه الله) قبل زيارة األمير حمد. وكان شيراك يعترف بثقل اململكة ووزنها الجغرافي والسياسي، وأكد الرؤساء الفرنسيون املتعاقبون على اإلليزيه الوزن اإلستراتيج­ي والسياسي للمملكة من أجل حفظ توازنات املنطقة. وينظر اليوم الخبراء واملختصون للعاقة التي كانت بني ساركوزي واألسرة الحاكمة آل ثاني على أنها جهل بالتوازن الجيوسياسي، فــي ظــل الـتـمـركـ­زات الـتـي كـانـت تـريـدهـا قـطـر، فقد سعت لتشكيل لوبيات مالية اقتصادية وسياسية فـي األولى فرنسا. ولــم تسع قطر فـي الـبـدايـة اسـتـهـداف نيكوال ســاركــوز­ي على وجه التحديد، ولكن تكوين صداقات مع الغرب هو من ضمن أولويات هذه اإلمارة الصغيرة التي تحتل املرتبة الثالثة في تشكيل اللوبيات املالية عبر العالم، فقد حاول القطريون إبرام عاقات مع شخصيات سياسية وثقافية وحقوقية على شاكلة «ميشيل روكار» و«دومنيك فيلبان»، الذي يملك مكتبا للمحاماة في فرنسا، وكان أمير قطر حمد بن خليفة آل ثاني عميا ملكتبه «لدومنيك فيلبان»، ويستشيره في قضاياه املالية والسياسية. وأمــــام هــذه الـلـعـبـة، وقــع نـيـكـوال ســاركــوز­ي فــي الـفـخ وابـتـلـع طعم القطريني، فما كــان مـن الـرجـل إال دعــوة األمـيـر حمد آل ثـانـي، أول مسؤول أجنبي يستضيفه ساركوزي في قصر اإلليزيه في 30 مايو 2007 على مأدبة عشاء، والذي تمخض عنه 16 مليار دوالر، ظهر منها 14 مليارا كانت ثمن شراء 80 طائرة إيرباص من نوع .A350 التحالف الــذي بناه سـاركـوزي مع الشيخ حمد آل ثاني اغتال من أوروبـــا، وكـانـت وجهتها خاله طقوسا سياسية سـادت لقرن من الزمن. فاإلمارة الصغيرة الـتـي أصـبـحـت تتطلع للتمركز الــقــيــ­ادي فــي املـنـطـقـ­ة، رغــم غياب مؤهات قيادتها لها، شكلت مع الـوافـد الجديد لإلليزيه تحالفا جديدا، يرهن توازنات املنطقة ويؤثث لتكتات جديدة ستعصف بها مستقبا. وهو األمـر الـذي لم يراعه ساركوزي في تحالفه مع حمد آل ثاني، فملفات عـدة كـان محرما على القطريني االقـتـراب منها، أصبحت محل تفاوض كقضية الدعوة إلى مصالحة فرنسا مع بشار األسد، املتهم مع والــده في اغتيال رئيس الــوزراء اللبناني السابق رفيق الـحـريـري، الــذي كــان صديقا مقربا لـشـيـراك. وأثبتت التحقيقات والـشـهـاد­ات تــورط بشار ووالـــده في اغتياله، وكــان فعا، سكرتير اإلليزيه آنــذاك، كلود غيون املكلف باملهمة لتجديد االتصاالت مع بشار األسد. واعتبر املسؤولون واإلعـام الفرنسي أن الخطوة التي أقدم عليها ســاركــوز­ي تعتبر خيانة ألب الجمهورية جــاك شــيــراك، الــذي كان ملتزما بمبادئ الجمهورية وقيمها.

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia