Okaz

«سجنة» العلم الشرعي

- عبده خال Abdookhal2@yahoo.com

أحيانا أحتاج إلعادة مقالة أو جملة أو تنبيه، وهذا االحتياج إنما هو رغبة في التأكيد على أمر أو دعوة للتنبه أو أني أحـاول شد انتباه الـرأي العام لقضية ال تزال راكـدة لذلك أسترجع مطالبتي املــتــكـ­ـررة عـلـى أهـمـيـة إفــشــاء الـعـلـم فــي أي جـزئـيـة ديـنـيـة تخص الـنـاس ملـا فـي ذلــك مـن تيسير أحـوالـهـم ووضعهم على بينة من تـعـدد اآلراء الفقهية فـي املـسـألـة الــواحــد­ة، وقـلـت إن إفـشـاء العلم فـي الـزمـن الــراهــن ضـــرورة تستوجب التخلي عـن الـحـذر خاصة إذ كانت كثافة الدهماء قـد تناقصت (عما كانت عليه األمــة من جهل) وغــدت طبقة املتعلمني تحاصر أقلية العامة، وهــذا أدعى إلفشاء العلم إذا صح بيانه أو لم يصح، فهذا القيد تضعضع مع وجــود النخب فـي كـل مـجـال. وعلى املشايخ دفــع الـنـاس للتثقف فـي أمـر دينهم مـن خــال الــقــراء­ة، ويكفينا عـشـرات البرامج التي تـدور في دائــرة األسئلة الباردة واإلجابة األكثر بــرودة، وإذا كنا نمضى كل سنوات دراســة العامة والجامعية نـدرس الفقه وبعد ذلــك يـخـرج منا عـشـرات األفـــراد يـسـألـون فـي قضايا مــروا عليها دراسة وتطبيقا، فهذا يعني فشل كل ما يحدث على أرض الواقع من تلقني وحفظ... وال أريد االنقياد خلف هذا االسهاب في مسألة األسئلة واألجوبة التي خلقت أناس ينتظرون اإلجابات الجاهزة، إذ إننا غدونا نعشق امللخصات في كل شيء.. حتى الدين نريد له مخلصات في كل عبادة وكل أدعية! وأجد نفسي أعيد املطالبة بضرورة إفشاء العلم، وكثير من الفقه ستر على قضايا اعتبرها من علم الخاصة والتي ال يجب معرفة العامة بها، ومن علم الخاصة املكنون هي األمور املتعلقة باملرأة وعملها إذ تم تقنني عمل املرأة في عملني أو ثاثة وأغلقت عليها بقية األبـواب لدينا واعتبر البعض أن عملها: طبيبة أو ممرضة أو محامية أو طيارة أو مهندسة ال يرضى الله وال رسوله.. ومنعت من عشرات املهن بسبب الخشية على املرأة من الخروج من بيتها حـتـى لــو أنــهــا درســـت وحـصـلـت عـلـى الــشــهــ­ادات الـعـلـيـا، فيكفي علمها لنفسها ولتلزم بيتها.. وألن الحياة ال تقف عند حد أو أحد فهي تسير وفق احتياجاتها وتزيح من يرفضها لتجعله أثرا بعد عني.. وفتوى الشيخ عبدالله املنيع حول جواز عمل املرأة (مأذونة أنكحة) وأن عملها هذا ال توجد دونه أي موانع شرعية.. ولم تكن اإلجازة لتصدر في زمن سابق، إذ ظلت كثير من األحكام الفقهية في خزينة بعض العقول ولم يسمح بفتح تلك الخزينة املوصدة إال في األيام القليلة املاضية.. وإذا كان األصل في األمـور جميعها الحل باستثناءات قليلة في املـأكـل واملـشـرب وامللبس، فلماذا تـم تعميم الـحـرام أو املـحـرم في أمور كثيرة؟ وعـــن عــمــل املــــرأة تـكـالـبـت كـثـيـر مــن األحـــكــ­ـام املــانــع­ــة لـعـمـلـهـ­ا أو صعودها إلـى أعلى املناصب، وقابل هـذا املنع آراء فقهية أخرى (فــي بـلـدان إسامية أخــرى) تجيز عملها كقاضية كــون القضاء جهاز من أجهزة الدولة وليس لها الوالية العامة.. وحني يتم كتم علم عشرات األحكام الفقهية استنادا على قول قديم لبعض العلماء بعدم الخوض فيها بحجة الخشية على الناس من التواكل أو االستسهال يكون هذا الــرأي معتمدا على التميز والتخصص للعلماء الربانيني، وهي الحجة الواهية كون الدين ال تخصص فيه كما أشرت في مقالة األمس. أخيرا لو قلت ألحد ما: إن السيدة عائشة -رضى الله عنها- جلست للفتوى فهل تجيز لـلـمـرأة أن تـكـون مفتية؟ ســوف تجد عشرات األصابع تتابعك لعنا وإدانة على جرأتك على ما لم نعتد عليه. أكــــرر الــحــيــ­اة تـسـيـر عــلــى عـجـلـتـهـ­ا الـــضـــر­وس، وتــطــحــ­ن كـــل ما ال يتسق مــع مسيرتها، فـالـلـه خلقها ألن تقبل كــل االختافات والتناقضات.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia