اخلوف من التغيير
كــل عــام وأنــتــم بخير، مــن األوهـــام الناشئة عــن تلقني الفرد والجماعة هو شعورهم بأن التغيير يعد شأنا خطرا يهدد االستقرار النفسي، األمر الذي يجعل الرفض التلقائي ذريعة يـتـغـنـى بــهــا املـــســـؤول لــوضــع أولـــويـــات مـعـاكـسـة لإلصالح ومضادة إلعادة النظر في الكثير من السلبيات التي تعرقل الـتـنـمـيـة، ذلـــك بـالـتـمـاشـي مــع طبيعة الــرفــض االجتماعي، والـحـالـة إمــا تنتج تـبـريـرات معتادة ال جدية فيها ملعالجة املشاكل الناتجة عن سوء األداء اإلداري، أو إيجاد املخارج في وعود مؤجلة إلى األبد. الــحــاجــة الــتــي ال يــمــكــن تــجــاهــلــهــا هـــي الــبــحــث الـــدائـــم عن السلبيات وتحليلها ومـحـاولـة عـالجـهـا والـتـخـلـص منها، بـمـقـابـل تسليط الــضــوء عـلـى اإليــجــابــيــات مــن أجـــل تطوير أدائها، ولكن علينا أال نخلط األمر ونلغي أحدهما باآلخر، فنذكر اإليجابيات حني نريد أن نواري الخطأ، ونتهم الناقد للسلبيات بالسوداوية، ألن التعاطف مع األخطاء بالتبرير هو أسلوب الدعــاء الكمال بالطريقة التي ال تقف عند الفرد ولكن ربما تجتاح املجتمع. إن تحسني شكليات الحوار والنقد في األخذ والرد حول هذه املـسـائـل ال عـالقـة لـه بـتـأويـل الـنـوايـا، وهــي مـعـادلـة واضحة ال تحتاج إلى إذن، وال تنتظر الثناء من صانع للقرار الذي نتوقع استياءه، إنما هي تقتضي جرأة املواجهة واالعتراف بالخطأ الـذي ال يوجد لتبريره معنى سوى االستمرار فيه، وحني ننتقد األخطاء فهذا يعني الحاجة إلى تحسني األداء، وال يعني ذلك أننا نلغي الجوانب األخــرى، فضال على أننا لسنا بحاجة إلى استعراض اإليجابيات دائما لتبرير حسن نوايانا، ولذلك نحن بحاجة إلى إرساء الثقافة النقدية التي يـتـعـلـم مـنـهـا الـجـمـيـع مـــوازنـــة األمــــور وإدراك مواضع الخطأ.