ÍU'« Í—bš
مــن أغــانــي الـــتـــراث الــعــراقــي طريفة تقول كلماتها: «يمه انباق رجلي، بنص الليل غطيته، قعدت الصبح مـا لقيته، قـالـوا خــدري الـجـاي، قلت إملــن أخـــدره؟ وشـلـون أخـــدره؟ وشـلـون أصفي املاي، وشلون أفوره؟ راح اللي يشرب الجاي، سكن ديرة البصرة، إلﺦ...» األغـنـيـة ظـاهـرهـا الــظــرف والــفــكــاهــة، لكنها في عمقها تصور معاناة النساء من األزواج املعددين أو املنحرفني أخالقيا.
إال أن مـعـظـم الـــزوجـــات فــي غــالــب األحيان، ال يلقني اللوم على الــزوج املعدد أو الخائن، وإنما يتجهن بلومهن إلى الطرف اآلخر، إلى املــــرأة الــتــي يـريـنـهـا خطفت منهن الــــزوج أو (باقته) حسب تعبير األغنية. لــم تفعل املـــرأة ذلـــك؟ لــم تـصـب غيظها على املـــــــرأة األخـــــــرى وتــغــفــل عـــن مــقــتــرف الذنب نفسه؟ هـل هـي تريد إقـنـاع نفسها أنها ملء عني الزوج وقلبه، لوال أن امرأة أخرى تمتهن سـرقـة األزواج امـتـدت يـدهـا فخطفته هاربة بـــه؟ هــل هــي فــي الــالوعــي تـسـعـى إلـــى إنكار أنها لم تعد من أولويات الزوج وأن الخيانة لم تحدث إال بسبب تعرضه (لالختطاف)؟ أم أنها تريد إيهام نفسها أن من تزوجته رجل (بــالــﻎ الـــنـــدرة)، لــذا هــو مـحـط أنــظــار النساء معرضا ألن تتخاطفه أيديهن؟
فـــكـــرة خــطــف الـــــــزوج أو ســـرقـــتـــه، هــــي وإن أرضـت غـرور املـرأة إلى حد ما، إال أنها تهني الرجل بصورة بالغة، فهي تتضمن أن الزوج املــســروق، لـم يكن ســوى (شــيء) تملكه املرأة، وحني غفلت عن وضعه في (الخزنة) وأهملت إغــالق األبـــواب والــنــوافــذ، تسلل إلــى السرير خالل الليل األدهم من سرقه منها! لو كنت رجال لرفضت هذا الوصف املهني، إال أن أغلب الرجال يستمرئونه، فهو يضعهم في موضع الضحية املعتدى عليه، وهــذا يتيح لهم مساحة واسعة من تبرئة الــذات وصرف اللوم عنها، وقد أسهموا في نشره وتعميمه، نوع من املكر، الذي لم يعد خاصا بالنساء!
صـديـقـتـي الــتــي شــاركــتــنــي ســمــاع األغنية، عـلـقـت بـخـبـث عليها قــائــلــة: (أحــيــانــا بعض األزواج املـسـروقـني، يستحق سـارقـوهـم قبلة على الرأس). مـا يستحق التأمل، هـو أن الـزوجـة فـي هذه األغنية تستنجد بأمها ولم تستنجد بأبيها، ملــطــاردة (الــبــايــق) وإعــــادة الـــزوج (املبيوق)! هل هـذا يعني أنها تعرف أن هناك تضامنا مبطنا بني الرجال على عدم إعادة من يسرق منهم؟ على أيـة حــال، الحذر مطلوب وقـد أعــذر من أنذر، كل زوجة تغفل عن إحكام إغالق األبواب والــنــوافــذ كــل لـيـلـة قـبـل الــذهــاب لــلــفــراش، ال تـلـومـن إال نفسها إن تـعــرض الـــزوج العزيز للبوق، فهي التي فرطت في حراسته. الــقــديــمــة أغنية