Okaz

هذا املواطن إخواني

-

عشنا بعيدا عن احـتـدام األجــواء السياسية ذات الخبايا والجيوب التي ال نعرفها إال من خالل سيرة شخصية أو أفـراد مروا بالتجارب الحزبية أو من تعرف على الخاليا النشطة الباحثة دوما عن إسقاط الحكم.. هذه األجواء كانت عامرة في الجمهوريات العربية، وتم نقلها إلى أذهاننا عبر األفالم واملسلسالت الدرامية.. وبسبب هذا السكون السياسي كان يقال إن الحياة املحلية غير قـادرة أن تتفرع لكي تعطينا مجاال روائيا خصبا بحجة أن الواقع الساكن ال ينتج أدبا، وأمام هذا الحكم األدبي كنت أرى أن لكل مكان أجواءه التي يستطيع الـروائـي تحويل األمكنة الساكنة إلـى فضاء كتابي مـتـحـرك... واستمرت الحياة الوادعة (في ظاهرها) وإن كان ثمة حراك في العمق إال أنه ظل في القاع وال يظهر للعامة حتى إذا تطايرت الكلمات عرفنا ما الــذي حدث (معرفة منقوصة).. نعم، عشنا في واقع ساكن فما كان يحدث تمضى عليه السنوات الطوال من غير أن ينعكس ذلك الحدث السياسي على األدب املحلي، ومع انفتاح الفضاء (تحديدا منذ التسعينات امليالدية) كتب تاريخ جديد حملت رايته الــروايــ­ة، فبعد أن كـانـت تتحرك فـي أحـــداث مـاضـويـة إذا بها تكشف عن املستور ليعلم العامة بما حدث أو يحدث خلف األبواب املوصدة، وأظهرت بعض األعمال الروائية واقعا كتابيا كانت أحداثه تدور في الخفاء، وكلما دار الفلك ظلت األحداث السياسية ساكنة سكون املقابر.. كـانـت الــروايــ­ة املـثـقـب الـــذي اجــتــرح خــاصــرة املجتمع فتدفقت األحداث، تحدثت الرواية عن الخاليا االشتراكية وعن القوميني العرب وعن مناصري جمال عبدالناصر وعن حركية بعض الجماعات ذات األهداف السياسية، وكانت اإلشارة لإلخوان املسلمني واضحة، فهم جماعة تقاطعت مع رجال الـدعـوة املعنيني بنشر املـبـادئ اإلسالمية ذات املـجـال السلمي واملعنيني بتنفيذ فكرة ادع إلى سبيل ربك بالحكمة واملوعظة الحسنة، إال أن اإلخوان وأجندتهم السياسية أرادت تحريك األرضية وتحمية النفوس الغاضبة عـن كـل مستحدث، فقامت الجماعة بـاجـتـذاب شـبـاب متحمسني ودفعت بهم إلى الدعوة الحركية ذات األهـداف السياسية، وألن اإلخـوان املسلمني تنظيم دولي مؤسس على السمع والطاعة كان كل األعضاء يلتزمون بأي أمـر يصدر لهم وألنـهـم يبحثون عـن الفرصة املناسبة لالنقضاض على السلطة فقد ظلوا في بيات شتوي دهرا، وقد دأب اإلخوان على السير في طرق متشعبة تفضي إلى التمكني والسيطرة على املجتمع مع التغلغل في كل مفاصل الدولة واإلمـسـاك بزمام األمــور، هـذه السياسة مكنت عشرات اإلخوان من أن يكونوا خطرا ساكنا على البلد حتى إذا تحركت الحركات اإلسالمية الحركية كان لإلخوان النصيب الوافر من التواجد.. ظـل حـال اإلخــوان على مـا هـو عليه حتى إذا تـم نـزع ورقــة الـتـوت ظهرت املساوئ لبعض قياديي اإلخوان املتناثرين في كل مكان، وكل حركة تكشف هذا التنظيم ترى وتشاهد شخصيات لم يكن يدور بخلدك أن هذا املواطن (إخواني)... ومع آخر حملة قامت بها وزارة الداخلية في عملية استباقية رأينا أناسًا لم يكن يدور بخلدنا أنهم من أصحاب اإلخوان. واآلن هل باإلمكان للجهات ذات العالقة مواصلة كشف جماعة اإلخوان الــذيــن تمكنوا مــن اللعب بالبيضة والــحــجـ­ـر... وألنـــي لــم أسـتـوعـب لعبة اإلخــوان في بداية هـذا العشق اكتشفت أن الجميع مد (الــذرعــة) من أجل تقسيم املنطقة.... هل يستطيعون الدخول مرة أخرى؟

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia