b¹b'« ÂUF « UOM √

اعـتـاد بعض الـنـاس فـي كـل عـام أن يصرفوا انتباههم إلـى مطلع العام الجديد، فيستقبلونه بمشاعر تتأرجح ما بني التفاؤل بأن يكون العام الــجــديــد أفــضــل مــمــا ســبــق، والــتــوجــس مــن أن يــكــون مـنـطـويـا عــلــى ما يكرهون. وفي بعض الثقافات يجسد الناس مشاعرهم تلك في صورة مادية، فيقيمون طقوسا خاصة يستقبلون بها إطـاللـة الـعـام الجديد، غالبا تحمل طابعا تفاؤليا أن يجدوا مسطرا على صفحات العام الجديد ما يحبون ويتمنون. أماني الناس تختلف في أحجامها، هناك أمان كبيرة ليس بيد أحد تحقيقها، كصرف السوء والسالمة من األذى والتوفيق والبركة، هذه كلها أمــان بيد الواحد األحـد مالك الكون، محفوظة عنده في علم الغيب، ال يملك الناس إزاء ها سوى التضرع إلى ربهم أن يجعل عامهم سعيدا مملوء ا بالخير خاليا من الشر. وهناك أمان أصغر حجما، يظن الناس أن بإمكانهم تحقيقها بعد مشيﺌة الله، كالرغبة في الزواج أو اإلنجاب أو الحصول على عمل أو االرتقاء في املناصب، فمثل هذه الرغبات ال يتوقف تحققها على إرادة اإلنسان فقط، وإنما هناك عوامل أخرى خارجية تتدخل في تحقيقها، ليس بيده إخضاعها ملا يرغب. وهناك نوع ثالث من األماني صغيرة ومحدودة جدا، مثل رغبة اإلنسان في التخلﺺ مـن عــاداتــه السيﺌة، كالرغبة فـي الـتـوقـف عـن الـتـدخـني، أو إنـقـاص الـــوزن، أو االلتزام بممارسة نشاط ريـاضـي، أو تعلم مـهـارة جـديـدة، ومـا شابه ذلـك مـن الرغبات التي ال يحتاج تحقيقها سوى قوة عزيمة من الفرد نفسه، لذلك في بداية كل عام جديد، اعتاد بعض الـنـاس أن يجتهدوا فـي تـدويـن قائمة بالرغبات يــرون أن بإمكانهم تحقيقها ويتعهدون في قرارة أنفسهم بإنجازها خالل العام، إال أنهم غالبا ال يفعلون. مــارك تـويـن، الكاتب األمريكي الساخر، لـه عـبـارة الذعــة تقطر سخرية، يغمز بها أولﺌك الذين يعدون أنفسهم بالتغير في مطلع كل عام ثم ال يفعلون، يقول: «بداية العام، موعد مناسب لتدوين الوعود السنوية الجيدة، التي يمكننا أن نهملها في األسبوع التالي». وأشد سخرية مما قاله توين، وأبعد لذعًا عبارة أخرى قرأتها وال أعرف قائلها: «يتطلع كثيرون إلى العام الجديد من أجل بداية جديدة للعادات القديمة». أمــا أفضل مـا قيل فـي استقبال الـعـام الجديد (حسب تـقـديـري)، فهو مـا قاله بنيامني فرانكلني، العالم والسياسي األمريكي الشهير: «استمر في حربك مع رذائلك، ودع كل عام جديد يجد فيك إنسانا أفضل مما كان». بارك الله لكم ولﻺنسانية جمعاء في العام الجديد، وجعله عاما محمال بالسالم واملحبة.