األمم املتحدة ورعاية الفوضى
الــغــرابــة الـحـقـيـقـيـة لـيـسـت فـــي إصـــــدار األمم املتحدة تقريرًا مبنيًا على معلومات مضللة عـــن أوضـــــاع األطـــفـــال فـــي مــنــاطــق النزاعات املــســلــحــة، بـــاإلشـــارة إلـــى الــحــالــة الـيـمـنـيـة تــحــديــدًا، وإنما الــغــرابــة فــي أن يـتـوقـع عــاقــل مــن «عـصـبـة األمــــم» أن تكون مــوضــوعــيــة ومــســؤولــة وشــفــافــة وشــجــاعــة فـــي تقاريرها وإجراءاتها وتعاملها مع املشاكل الدولية. والغريب أيضًا أال يصدق أحـد أن األمــم املتحدة وسيلة من وسائل تنفيذ مخطط الشرق األوسط الجديد، الذي بدأ بمرحلة الفوضى وإسـقـاط الــدول والـحـروب األهلية، وتجلت مالمحه بشكل واضح منذ عام .2011 فـي الحالة اليمنية نجد أن األمــم املتحدة ساهمت بشكل عملي واضح في تعقيد األزمة وتسهيل استيالء الحوثيني على السلطة وتـحـويـل اليمن إلــى بــؤرة لـلـصـراع ودخول إيــران إلـى ساحته واستفزاز جيرانه، نتذكر جيدًا الزيارة غير امليمونة للمبعوث األممي السابق جمال بن عمر إلى صــعــدة ومـكـوثـه ثــالثــة أيـــام فــي ضـيـافـة الـحـوثـيـني الذين انــطــلــقــوا بــعــد زيـــارتـــه مــبــاشــرة لــالســتــيــالء عــلــى السلطة والتمدد السريع في أنحاء اليمن. مخطئ من ال يعتقد أن األمــم املتحدة هـي مـن هيأت األرضـيـة والــظــروف لوصول الحوثيني إلى ما وصلوا إليه، ولو لم تكن جزءًا من املؤامرة ملا استمر قرارها 2216 معطال إلى اآلن، وملا وقفت متفرجة عــلــى االنــتــهــاكــات الـجـسـيـمـة الــتــي يــمــارســهــا الحوثيون وشريكهم املخلوع بحق كل القيم اإلنسانية، وليس حقوق الطفولة. األمم املتحدة ال شك رأت على شاشات الفضائيات األطفال اليمنيني الذين زج بهم الحوثيون في الحرب، وكيف يتم إنقاذهم في الجانب السعودي ورعايتهم، وهي تعرف جيدًا كيف عرقل الحوثيون وصــول املساعدات للشعب اليمني، وخـصـوصـا أدويـــة ولـقـاحـات وأغــذيــة األطــفــال، وتـعـرف أن املنقلبني على الشرعية هم الذين تسببوا في رداء ة األوضاع التي أدت النتشار الكوليرا وأمراض سوء التغذية. كل ذلـك تعرفه األمــم املتحدة، لكن ألنها موجهة وال تملك قــرارهــا، وألنـهـا جــزء مـن فـريـق اللعبة الــقــذرة كــان البــد أن تغالط الحقائق بشكل سافر، بل وتعطي شرعية ملن أصدرت بحقهم سابقا قرارا تحت الفصل السابع، والذين أعلنوا قبل فترة قصيرة عبر شريكهم علي صالح أنه ال اعتراف بالقرار األممي، في تحد مباشر وعلني صريح. واآلن تتضح اللعبة أكثر بعد املواقف املخزية لألمم املتحدة، التي يجب فضح تناقضاتها وأنــهــا أصبحت الــراعــي الـنـاعـم للفوضى في العالم، الذي يمهد للقوى الخشنة اللعب بمصائر األوطان والشعوب.