Okaz

‪W¦¹b(« WO uI « W Ëb « …oeUOÝ bO‬

-

منذ منتصف القرن السابع عشر أضحت الدولة القومية املكون األســاس للنظام الــدولــي. عـقـب صـلـح وستفاليا ٨461، انـتـهـى عـصـر اإلمــبــر­اطــوريــا­ت التوسعية الـكـبـرى.. وكــذا زمــن اإلقطاعيات املتصارعة الصغيرة، وجــرى استبدال الشرعية الدينية واإلقطاعية، للكيانات السياسية، بالشرعية القومية والهوية الوطنية.. وولدت الدولة القومية الحديثة على أسس اإلرادة الشعبية، وليس على منطق الفتح والغلبة والغزو واإلخضاع املباشر من قبل قوة أجنبية أو نخبة سياسية محلية مستبدة. صحيح أن فكرة وتجربة الدولة القومية الحديثة، في بعض املجتمعات األوروبية.. وكذا فكرة إسقاط شرعية الغزو والفتح واالحتالل، حتى داخل أوروبا نفسها، احتاجت لثالثة قرون أخرى من الزمان، إال أن فكرة الدولة القومية الحديثة وتجربتها، في عهد األمـم املتحدة، أمست هي العنصر األسـاس للنظام الدولي واملسوغ األول والحصري للعضوية في النظام الدولي، على مستوى مجتمعات العالم، بأسره. تجربة الدولة القومية الحديثة في العالم العربي، قد تكون أعرق من الكثير من املجتمعات، في قارات العالم األخرى، خارج عالم أوروبا القديم، عدا بعض مجتمعات العالم الجديد فـي األمـريـكـ­تـن، حيث يــؤرخ لـدخـول العالم العربي ملرحلة الدولة القومية الحديثة، بمؤتمر فـرسـاي ٩1٩1 عقب الـحـرب الكونية األولـــى. غير أن معظم الدول العربية الحديثة، لم تتطور بها شرعية محلية تعكس اإلرادة العامة للشعوب العربية، وإن حرصت التجربة على تحري وتأكيد العضوية في النظام الدولي. على أي حال: أضحت شرعية الدولة القومية الحديثة، كأساس لقيام الدول وكسب عضويتها في النظام الدولي، من أهم ليس فقط مسوغات قيام الـدول نفسها، بقدر ما هو الضمان األول الســتــمـ­ـرارهــا والــحــصـ­ـن الـحـصـن لـتـأمـن بـقـائـهـا، بـغـض الـنـظـر عــن شـرعـيـة ومــســتــ­وى درجة االستقرار ألنظمتها السياسية الداخلية، ومدى توفر عنصر تقرير املصير لكافة فﺌات شعبها. حتى أن األنظمة السياسية لبعض دول العالم الثالث، كثيرﴽ ما تلجأ ملصادر شرعية الدولة نفسها الخارجية، في حالة تطور أي شكل من أشكال التحدي للنخبة السياسية الحاكمة محليﴼ. النظام الدولي، بأسره حتى في حالة احتدام الصراع بن قواه العظمى.. أو االقتتال بن القوى اإلقليمية الرئيسية في منطقة ما من العالم، يسوده شعور باملسؤولية السياسية واألخالقية لحماية السالمة اإلقليمية والسيادة الوطنية ألعضائه من الـدول، لكونها الضمانة الحقيقية الستقرار النظام الدولي.. وضمان استمراره، وتفادي ما يقود إلى اضمحالله. حتى في أوج حالة استقرار النظام وانحسار مد التوتر وحركة الصراع بن فعالياته املهمة، بالتقدم تجاه املزيد من التعاون بن بعض أعضائه، لدرجة االنخراط في صيغة متقدمة من التكامل اإلقليمي واالعـتـمـ­اد املتبادل ملواجهة تحديات التنمية، بعد أن تـم تـجـاوز تحديات األمــن، كما هـو فـي حالة تأسيس الكيانات اإلقليمية الكبرى، لـم يتم بـأي حـال املساومة على صيغة الدولة القومية بن أعضاء تلك الكيانات اإلقليمية العمالقة، مثل االتحاد األوروبي. لقد ظلت فكرة حرية الـدول في االنضمام أو الخروج من عضوية تلك الكيانات اإلقليمية مكفولة للدول األعـضـاء، مهما بلغت تكلفة ذلـك على الـدولـة العضو، بناء إلرادات شعوبها وخيارات نخبها الحاكمة... تمامﴼ: كما فعلت بريطانيا في استفتاء 23 يونيه ،2016 عندما اختار الشعب البريطاني الخروج من تجربة االتحاد األوروبي التكاملية. ليس ذلــك فحسب، بــل إن عضوية الـكـيـانـ­ات اإلقليمية الـكـبـرى أمـــدت تجربة الــدولــة القومية الحديثة بشرعية أممية للحفاظ على بقائها واســتــمـ­ـرارهــا، لضمان سـالمـة الـــدول األعضاء اإلقليمية.. والحؤول دون تفكك الدولة. لقد كان للدور الحاسم الذي قام به االتحاد األوروبي، أثر مباشر إلفشال مشروع استقالل إقليم كتالونيا، من مواجهة حكومة مدريد املركزية العنيفة لقمع محاولة االنفصال. لقد ساوم االتحاد األوروبي على ممارسة شعب اإلقليم حقه في تقرير مـصـيـره، قـفـزﴽ على قيم إنسانية وسياسية وأخـالقـيـ­ة تكفلها العضوية فـي االتــحــا­د لشعوب أعضائه، من أجل الدفاع عن الوحدة اإلقليمية ألحد أعضائه (إسبانيا). نفس الشيء تقريبﴼ، وقبل ذلك بأسبوع، أفشل استفتاء أجرته حكومة كردستان العراق في ٥2 سبتمبر املاضي، لالنفصال عن العراق. إفشال استفتاء استقالل إقليم كردستان لم يكن بسبب تحرك حكومة بغداد لتأكيد سيادتها على اإلقليم والسيطرة على مناطق شملها االستفتاء، مثل: مدينة كركوك الغنية بالنفط، بقدر ما كان ذلك االعتراض اإلقليمي الشرس ملشروع االنفصال من قوى إقليمية (تركيا وإيــران).. وعـدم توفر التعاطف واملساندة الدولية ملشروع االنفصال، بن قـوى النظام الـدولـي الكبرى. كما كـان االستفتاء باالنفصال وبــاال على حكومة برشلونة املحلية، أضحى كارثة على حكومة أربيل، حيث تمت اإلطاحة برئيس اإلقليم (مسعود برزاني)، باإلضافة إلى الهزيمة العسكرية واملعنوية التي تلقتها قوات «البشمركة»، في أول مواجهة لها مع الجيش العراقي، في كركوك، بعد إجراء االستفتاء. فشل تجربتي استفتاء انفصال كردستان العراق وكتالونيا في إسبانيا، في أسبوع واحد (٥2 سبتمبر، 2 أكتوبر ،)2017 يؤكدان ترسيﺦ تجربة الدولة القومية الحديثة، التي امتدت مسيرتها ملا يقرب من أربعة قرون، باعتبارها رمزا للهوية الوطنية لشعوبها وأساس شرعية أنظمتها السياسية، بغض النظر عن التحوالت في مفهوم السيادة، الذي ظل دائمﴼ شأنا داخليا، يحظى باحترام مؤسسات وأعضاء النظام الدولي. الدولة القومية الحديثة هي االنعكاس الحقيقي لتجسيد الشعوب حقها في تقرير مصيرها.. ومــرآة تعدديتها الثقافية والدينية والعرقية، وتعبير عن رغبتها املشتركة في العيش معﴼ... وتظل سالمة كيانها اإلقليمي من أولى اهتمامات النظام الدولي، حفاظﴼ على استقراره.. وسالم العالم.

لﻠتواﺻﻞ أرسﻞ رسالة ﻧﺼية

إلﻰ 88548 اﻻتﺼاﻻت أو 636250 ﻣوباﻳﻠي أو 738303 زﻳﻦ تﺒدأ بالرﻣﺰ 154 ﻣﺴافة ﺛﻢ الرسالة

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia