Okaz

‪° AEAEW¹oeuF‬ ‪« w ÊuO×O‬ *«

- ﻣﺤﻤﺪ اﻟﺴﺎﻋﺪ m.assaaed@gmail.com

في ﻇني أن زيارة رأس الكنيسة اللبنانية البطريرك مار بشارة بطرس الراعي بطريرك أنطاكيا وسائر املشرق للموارنة، هي أرفع زيـارة قام بها رجـل ديـن كنسي للسعودية، بـل هـي األولــى منذ زيــارة مسيحيي نجران للرسول األعظم. لكن ما هي داللـة هذه الزيارة سـواء للسعودية أو ملسيحيي الشرق الذين يعيشون على حافة هاوية سحيقة بعد أن دعمت قطر الجماعات اإلسالموية التي قتلتهم وهجرتهم على الهوية في سورية والعراق ومصر. لقد أصبحت املسيحية مـهـددة بـاالنـدثـ­ار بالفعل ليس نتيجة قناعة معتنقيها؛ بل ألن هناك تهديدا سياسيا وطائفيا توجه إليهم مباشرة خالل السنوات العشر املاضية على وجه الخصوص، واستخدموا كذريعة لتفجير العالم العربي وخلق احتراب داخلي. املسيحية في الجزيرة العربية قديمة قدم رسالة النبي عيسى عليه السالم، بل كانت الديانة األولــى بجانب اليهودية، وهناك العديد من الشواهد والكنائس القديمة املـوجـودة في بعض املـدن والنواحي، إلـى أن دهمتها الشركيات في القرن السابق للبعثة املحمدية، ثم أنار اإلسالم وانضمت إليه كل القبائل العربية املسيحية التي عاشت في الجزيرة ممتدة إلى الشام ومصر. انتشرت املسيحية فـي نـجـران جنوب الجزيرة العربية ممتدة إلــى بطون القبائل باتجاه العراق والشام، ولم تكن تمثل نموذجا منافرا لنسيجها العروبي، بل بقيت محافظة على انتمائها منحازة لشرقها، ومناصرة له في أغلب قضاياه. لـعـل أكــثــر املــآســي الــتــي أحــاطــت بـاملـسـيـ­حـيـني الــعــرب كــانــت فــي الــعــراق ولبنان وفلسطني، فقد وﻇفت بعض الدول والجماعات التكفيرية املتطرفة لتكون وقودا فاعال في تحقيق مصالح سياسية، وأدت القاعدة وداعـش وجبهة النصرة تلك الجرائم في محاولة لدفع املسيحيني لترك بلدانهم األصلية والهجرة للغرب، أو إعطاء املبرر ملتطرفي الغرب للقدوم للعالم العربي بحجة حماية الكنيسة الشرقية وأتباعها. لم تكن الرياض غائبة أبدا عن هموم مسيحيي الشرق، فاململكة لطاملا كانت وستبقى قلب وزعيمة العالم اإلسالمي ورائــدة الحوار والسالم بني الديانات، وتــرى أن من واجبها أن تحمي في نفس الوقت األقليات املسيحية كما تحمي وتساند املسلمني. املسيحيون اليوم كما السابق جزء أصيل من مكونات الشرق العربي، وساهموا مع إخوتهم املسلمني في التصدي للحمالت الصليبية التي كانت تهدف في أساسها الستئصال اإلسالم وليس نصرة املسيحيني كما روج القائمون بها. عالقة السعودية بالكنائس الشرقية والغربية خاصة في لبنان لم تكن وليدة أحداث سياسية، بل عبر مبادئ إنسانية تبنتها الرياض وناضلت من أجلها. فمنذ محنة لبنان وحربها األهلية الطاحنة منتصف السبعينات وحـتـى اتفاق الـطـائـف، كـانـت الــريــاض على صــف واحـــد مــع الجميع مسيحيني ومسلمني، سنة وشيعة، وعندما وضعت أسس اتفاق الطائف نظرت للجميع بعني واحدة. وتفحصًا في االتفاق نجد أن السعودية وضعت استقالل لبنان ومصالحه العليا فوق أي اعتبار، بل لم تضع لنفسها أي جائزة تذكر، ودفعت نحو حل مرض لجميع األطراف حفاﻇًا على لبنان ومستقبله.. وجاء على النحو التالي: املـــادة :1 الـتـأكـيـ­د عـلـى اسـتـقـالل لـبـنـان وهـويـتـه الـعـربـيـ­ة وشـكـلـه الـسـيـاسـ­ي كدولة جمهورية برملانية ديموقراطية، كما نصت الفقرات على مجموعة من اإلصالحات الـسـيـاسـ­يـة الــتــي تــم االتــفــا­ق عليها كــتــوزيـ­ـع مـقـاعـد مـجـلـس الــنــواب مـنـاصـفـة بني املسلمني واملسيحيني إضـافـة إلــى إصـالحـات أخــرى فـي مـجـاالت مختلفة كاإلدارة والتعليم واملحاكم. املادة :2 بسط كل سيادة الدولة اللبنانية على كامل األراضي اللبنانية، وأكدت فقرات هذه املادة على حل جميع امليليشيات اللبنانية وغير اللبنانية وتعزيز قوى األمن الداخلي والقوات املسلحة وحل مشكلة املهجرين وتأكيد حق املهجرين بالعودة إلى األماكن األصلية التي هجروا منها. املادة :3 تحرير لبنان من االحتالل اإلسرائيلي، وتنفيذ قرار مجلس األمن رقم .425 املادة :4 في ما يخص العالقة اللبنانية السورية، أسست على العالقات املميزة التي تجمع لبنان وسورية والتأكيد على أن لبنان ال يسمح بأن يكون ممرًا أو مركزًا ألي نشاط يستهدف األمن السوري، كما يؤكد حرص سورية على األمن واالستقرار في لبنان. لقد كانت اململكة من أوائل الدول العربية التي تبنت االنفتاح على الفاتيكان كممثل للمسيحيني في العالم، وأرسلت وزيـر العدل السابق الشيﺦ محمد الحركان العام 1٩74 لزيارة البابا مع وفد رفيع من رجال الدين. أسفر اللقاء الشهير عن تفاصيل غاية في األهمية والرمزية حني أدى الوفد صالة الظهر داخل الفاتيكان، وكذلك اشتراك الرياض مع الفاتيكان في إصـدار أول دليل للسالم في العالم عبر كتاب أنتج في نفس العام، ربما لو بني عليه الختلفت عالقة الشك واالتهامات املتبادلة بني الشرق والغرب. إنها مبادرات سباقة وعمالقة تؤكد أن السعودية دولة مؤسسات ال تبني تموضعها السياسي على ردات األفعال بل بناء على سياسات عميقة تتبنى املصالح السعودية أوال، وتناضل من أجل عالم أكثر تسامحًا واستقرارًا.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia