حتى ال تعود الصحوة
خــالل 40 عـامـًا مــن تفشي مــا يسمى بالصحوة فـــي املــمــلــكــة الــعــربــيــة الــســعــوديــة، اســتــطــاع هذا التنظيم الـحـديـدي ترفيع عــدد مــن أعـضـائـه في مناصب مركزية وأساسية فـي جهازين مهمني، األول في القضاء واملؤسسات القضائية بمختلف أنواعها ومؤسسة التعليم العالي في الجامعات فــي اململكة، واسـتـطـاع هــذا التنظيم خــالل فترة الـــعـــقـــود املـــاضـــيـــة أن يــحــشــد ويــهــيــئ عـــــددا من أعضائه للسيطرة على هذين الجهازين بالغي الـحـسـاسـيـة؛ األول يـتـعـلـق بــالــعــدالــة والجوانب القانونية بــالــدولــة، واآلخـــر فــي التعليم العالي الـــذي يــعــد ويــؤســس لـــــقــيــادات شــابــة واستخدام كـوادرهـم فـي تلك الجامعات للتجنيد والحشد، هــذا التغلغل املنظم واملحكم خــالل أربـعـة عقود مـن الـزمـن استطاع هــذا التنظيم أن يخترق تلك املؤسسات، بل ويتحكم في مفاصلها األساسية، لذا ال مجال إال البحث والتنقيب بتلك املؤسسات لتنظيفها من أي كـادر مؤدلج ينحرف بالعدالة أو يستغل مــركــزه التعليمي للحشد والتعبئة والتجنيد، وال سيما أن القضاء على سبيل املثال يفترض أن يكون مستقال ليس عن السلطة فقط بل ويكون مستقال عن األيديولوجيا، هكذا تدار املؤسسات القضائية في كل العالم، حيث يفترض بالقاضي أن يكون نزيهًا مستقال عن أي أفكار قد تؤثر على حكمه القضائي الذي له عالقة مباشرة بحريات الناس وحقوقهم. ويـجـب عــدم االستهانة بـهـذا التنظيم الحديدي املنظم، ألنه قادر على التكيف مع كافة العواصف والرياح العاتية، وعنده قدرة هائلة على املكون، ومــــن ثـــم إعــــــادة تــنــظــيــم نــفــســه بــقــوالــب جديدة فــي أي فـرصـة تـسـنـح، لــذا فـمـن الــواجــب تنظيف تــلــك املــؤســســات وغــيــرهــا مـــن الـــكـــوادر الحزبية املـنـظـمـة الــتــي ال تــخــدم وطــنــًا وال عــدالــة، وإنما تـخـدم أجـنـدتـهـا الـحـزبـيـة وتـنـافـح عــن قياداتها فـي الــداخــل والــخــارج، وتستخدم آلـيـات السلطة واملـــؤســـســـات الــحــكــومــيــة لـتـنـفـيـذ أجــنــدتــهــا، فال بـد مـن محاصرتها حتى ال يخرج هــذا التنظيم الصحوي من الباب ويعود لنا من النافذة.