كيف ميارس «ديوان املراقبة» دوره على وزارة تتولى ميزانيته ؟
أوصت لجنة حقوق اإلنسان والهيئات الرقابية في مجلس الشورى، بأن يكون االرتباط التنظيمي لديوان املراقبة العامة بامللك مباشرة، وبررت بأن أهم مقومات النشاط الرقابي استقال األجهزة الرقابية، لتتمكن مــن الــقــيــام بـاخـتـصـاصـاتـهـا بــصــورة مـوضـوعـيـة وفعالة، ولــضــمــان عـــدم الـتـأثـيـر الــخــارجــي عـلـى أدائـــهـــا، وبـاعـتـبـار األجهزة الرقابية من األجهزة الحكومية في الدولة، فإنه ال يمكن أن تكون مـسـتـقـلـة اســتــقــاال كـــامـــا، إال أنــــه ال بـــد مـــن اســتــقــالــهــا عن األجهزة الخاضعة للرقابة بارتباطها، إما بمرجع جميع السلطات فـي الــدولــة أو بالسلطة التشريعية، كما أنه ال بــد مــن اسـتـقـال األجــهــزة الـرقـابـيـة مـالـيـا ووظيفيا، وذلـك بحصولها على املــوارد املالية والبشرية الكافية إلنـــجـــاز املــهــمــات املــنــاطــة بــهــا ومــنــحــهــا الصاحيات الازمة باستخدام اعتماداتها وتنظيم أعمالها وشؤون موظفيها وفق ما تراه مناسبا لها. وأشـــــارت الـلـجـنـة إلـــى أنــهــا الحــظــت ذلـــك فــي دراستها الـتـقـريـر الـسـنـوي لــديــوان املــراقــبــة الـعـامـة لـلـعـام املالي ،)1438-1437( ومـــا تضمنه مــن صــعــوبــات وعقبات تــؤثــر ســلــبــا عــلــى قــيــامــه بــمــهــمــاتــه، أن ربــــط الديوان حاليا برئيس مجلس الــوزراء يجعله مرتبطا بالسلطة التنفيذية، لــذا فـمـن املـنـاسـب تغيير هــذا االرتــبــاط ليكون بــاملــلــك مــبــاشــرة، بــــدال مـــن رئــيــس مــجــلــس الـــــــوزراء لضمان استقاليته عن السلطة التنفيذية، كما هو الحال في ارتباط مجلس الشورى وديــوان املظالم، كون امللك يعد وليا لأمر وتتبع له جميع السلطات الــثــاث، فـي حـن أن رئـيـس مجلس الـــوزراء يمثل السلطة التنفيذية فقط، لذلك تقدمت اللجنة بتوصيتها األولــى بحيث يتم تغيير االرتباط التنظيمي لديوان املراقبة العامة ليكون بامللك
مباشرة بدال من رئيس مجلس الوزراء، على نحو ما حدث مع الهيئة الوطنية ملكافحة الفساد (نزاهة)، وهيئة حقوق اإلنسان. كما أوصت اللجنة بأن يكون لديوان املراقبة العامة ميزانية خاصة تعتمد وتصرف وفق قواعد تصدر بأمر ملكي، وبــررت اللجنة ذلك بماحظتها أن ميزانيته تخضع لــذات اإلجـــراءات التي تخضع لها ميزانيات األجهزة التنفيذية، حيث يتم ذلك من خال وزارة املالية، وهو ما يثير التساؤل: كيف يقوم الديوان بدوره الرقابي على وزارة تـتـولـى مناقشة وإقــــرار مـيـزانـيـتـه، األمـــر الـــذي تـــراه اللجنة يقوض استقاله، وبالتالي ترى اللجنة أهمية أال تخضع ميزانية الديوان لذات اإلجــراءات التي تخضع لها مناقشة وإقـرار ميزانيات األجهزة التنفيذية، بل يفضل أن تقر بأمر ملكي. وأوصــت لجنة حقوق اإلنسان بالتأكيد على الفقرة األولــى من قرار مجلس الوزراء ونصه «على ديوان املراقبة تضمن تقاريره السنوية الـقـادمـة معلومات تفصيلية عـن الجهات التي ال تتعاون معه، وال تلتزم بالرد على ماحظاته، مع تحديد حجم املخالفة ونوعيتها». وبررت ذلك بأن تقرير الديوان تضمن وجود عدد من الجهات ال تتيح له القيام بمهماته الرقابية والبعض منها ال يتعاون بشكل كامل معه في هذا الشأن، وترى اللجنة أن مثل هذا التصرف ال يتوافق مع نظام ديوان املراقبة العامة الصادر بمرسوم ملكي، الذي يؤكد على جميع الجهات الخاضعة لرقابته تقديم كافة البيانات الحسابية وغيرها واملستندات والـوثـائـق التي تمكنه مـن مباشرة اختصاصاته وفقا لهذا النظام، وكذلك تقديم كافة التسهيات الازمة ملندوبيه ومفتشيه وفقا للوائح التنفيذية التي تصدر بهذا الصدد. ورأت اللجنة أن االختصاص الرقابي للديوان جاء عاما دون استثناء، إال أن تـقـريـره جــاء خـالـيـا مــن تـحـديـد تـلـك الـجـهـات واملــبــررات التي تسوقها في هذا الشأن، كما أن التقرير لم يتضمن توضيح اإلجراء ات الــتــي اتـخـذهـا فــي حــق تـلـك الـجـهـات بـمـا فــي ذلــك تـحـريـك الدعاوى التأديبية للموظفن املـنـسـوب لهم ذلــك الـتــصــرف، وشـــددت اللجنة على أهمية أن يضمن الديوان تقريره السنوي بيانا بالجهات التي ال تتيح له القيام بمهماته الرقابية وغير املتعاونة معه بشكل كامل، واإلجراء ات التي اتخذها في حق تلك الجهات. كـمـا أوصـــت اللجنة بـوضـع سـلـم وظـيـفـي مـوحـد تخضع لــه جميع الجهات الرقابية، أسوة بما تم تطبيقه في الهيئة الوطنية ملكافحة الفساد، مبررة بأن من بن املعوقات التي يعاني منها الديوان صعوبة املحافظة على موظفيه واستقطاب غيرهم ممن يتمتعون بمهارات مهنية عالية، والسبب في ذلك خضوعهم لنظام الخدمة املدنية بينما يطبق على موظفي «نزاهة» كادر خاص يتضمن مزايا ال يتمتع بها موظفو الديوان.