Okaz

الرعاية الصحية: تفوق هنا.. وتدٍن هناك

-

نــكــرر حقيقة واضــحــة، ومــؤســفـ­ـة، مــعــروفـ­ـة لـكـل إنسان راشد عاقل في مجتمعنا، أال وهي: أن الرعاية الصحية (بـأنـواعـه­ـا) املـتـوفـر­ة للمواطن الـسـعـودي مـا زالــت دون املستوى املطلوب – كما وكيفا. ونعني هنا: الرعاية الصحية التي في متناول املواطن العادي. ومن املؤسف أن نقول: إن هذه الرعاية مازالت قـاصـرة. فمن حيث الكم، فـإن املتوفر يقدر بنحو %45 في وقـت واحد، أو فترة زمنية ال تزيد على الشهر الـواحـد، من الحاجة الشعبية. وقد اعـتـمـد هــذا الـتـقـديـ­ر بـنـاء عـلـى عــدد األســـرة املــتــوف­ــرة لـلـمـواطـ­ن، وعدد األطـبـاء املتوفر لكل مـواطـن، وعلى اعتبار أن عـدد سكان اململكة يقدر بنحو العشرين مليونا، إضافة إلى نحو العشرة ماليني ضيف مقيم. وحــســب إحــصــاء عـــام 7341هـــــ­ــ، بـلـغ كــل عـــدد املـسـتـشـ­فـيـات الحكومية 274 مستشفى، وعـدد املستشفيات الخاصة 152 مستشفى. وبلغ عدد املجمعات واملستوصفا­ت الطبية العامة واملتخصصة 2754 مركزا، إضافة إلى 200 مركز لغسل الكلى، و56 عيادة خاصة. أمــا مـن حيث «الـكـيـف»، فما زالــت النوعية متدنية، بصفة عـامـة، وإن غامرنا بتقديم تقدير للكيف، فلعلنا نقول إن متوسط نوعية الرعاية الصحية الـعـاديـة املــقــدم، واملــتــو­فــر، للمواطن الــعــادي قــد ال يـزيـد على ،%50 مــع وجــــود أخــطــاء طـبـيـة مـلـفـتـة وبـعـضـهـا قــاتــل. ومـــع كــل هذه األرقام املزعجة، أعتقد أن الرعاية الصحية بالسعودية ربما تكون اآلن من األوائـل عربيا، كما وكيفا، خصوصا إذا أخذنا في االعتبار املبالغ الهائلة الـتـي تخصصها الحكومة لـهـذه الــرعــاي­ــة. ومــع ذلـــك، ال بــد أن نتطلع ألن تغطي هــذه الرعاية كـل املـواطـنـ­ني؛ فتبلغ %100 فـي مجال الــكــم، وتـقـتـرب مــن مـسـتـوى %100 مــن حـيـث الـكـيـف؛ فـاملـوضـو­ع يمثل مسألة حياة سعيدة أو معاناة، بالنسبة لشعب بأكمله.

*** ولعل القطاع الصحي في بالدنا من أكثر القطاعات التي لم ينم بالكم والكيف املناسبني، خـالل العقود األربـعـة املاضية، بسبب تشعب هذه الـرعـايـة، وتعقد وتـعـدد عناصرها. وهــذا يدفعنا للمطالبة بمراجعة مسيرة هــذه الـرعـايـة، و«تقييم» إدارتــهــ­ا، وطبيعة تدبيرها، فـي املدى املـذكـور. ويكاد يجمع كل املسؤولني عن هـذا القطاع على ما ذكـر هنا. لـذلـك، لـم ينقطع تفكير أغلب املسؤولني فـي هـذا القطاع عـن «تطوير» هذه الرعاية ورفع مستواها، والخروج بها من مأزقها التاريخي الراهن، وهزالها املزمن، إلى الوضع األنسب، الناتج عن استغالل املوارد املتوفرة بشكل سليم، للوصول بهذه الرعاية إلى أفضل كم وكيف ممكنني. ومــن نتائج هــذا السعي املحمود لتطوير هــذه الـرعـايـة – كما يجب – اإلعـــالن عــن قــرب تطبيق إجــــراءا­ت إداريــــة، وســيــاسـ­ـات جـريـئـة جديدة وحديثة، تتلخص في تبني ما يعرف بـ«التأمني الصحي التعاوني»، ومـا يتبع هـذا التبني مـن إجـــراءات وخـطـوات، لعل أهمها: تخصيص املستشفيات الحكومية، وجعل وزارة الصحة جهة إشرافية ورقابية على عموم الرعاية الصحية باململكة. والهدف املعلن من هذه الخطوة هو: رفع مستوى الكيف، وجعل هذه الرعاية في متناول الناس. والواقع، أن هذا النظام الصحي الجديد املقترح في أمس الحاجة للشرح والتوضيح؛ حتى يعرف املواطن ما الرعاية الصحية في بالده مقبلة عليه من تطور وتحديث.. يتمنى الجميع أن يكون إيجابيا، وفـى االتـجـاه الصحيح، الـــذى طــال انــتــظــ­اره. ولــعــل وزارة الـصـحـة تـعـد حملة تـوعـويـة شاملة بالنظام الصحي الجديد؛ فذلك أمر ضروري، وبالغ الحيوية. *** بـاملـمـلـ­كـة، يـمـكـن تـقـسـيـمـ­ه، ومـــعـــر­وف، أن الــقــطــ­اع الــصــحــ­ي بــنــاء على التبعية لهذه الجهة أو تلك، إلـى ثالثة أقسام رئيسة: القطاع الصحي الحكومي (العام)، القطاع الصحي الخاص (القطاع الخاص)، القطاع الصحي التابع لجهات حكومية محددة. وبالطبع، فإن أغلب الرعاية الصحية الـسـعـودي­ـة تــقــدم للجمهور مــن قـبـل كــل مــن الـقـطـاعـ­ني العام والـخـاص. وهناك وزارات وهيئات ومؤسسات حكومية تقيم منشآت طبية (مستشفيات) لعالج منسوبيها. وهــذه املنشآت الصحية تتبع هــذه الـجـهـات الحكومية، ويمكن أن نصفها بأنها «الـقـطـاع الصحي الثالث». فلقد قامت كل من وزارات الدفاع، والحرس الوطني، والداخلية، وبعض الهيئات واملؤسسات، خصوصا الجامعات، بإقامة مستشفيات ومراكز صحية ملنسوبيها. وهى منشآت ليس لها عالقة مباشرة بوزارة الصحة. وحــــدث أن أصــبــحــ­ت أغــلــب هــــذه املــســتـ­ـشــفــيــ­ات عــلــى مــســتــو­يــات فاقت مستويات كل املنشآت الصحية الحكومية وبعض الخاصة، من حيث الكيف. بل إن هـذه املستشفيات أصبحت من أكثر املستشفيات تطورا في املنطقة العربية بصفة عامة، وفى مقدمة تلك املستشفيات التابعة لـــوزارتـ­ــي الــدفــاع والــحــرس الــوطــنـ­ـي. ولــقــد تـفـوقـت هـــذه املستشفيات، وتميز كل منها عن غيره في بعض التخصصات الطبية املهمة. ومن ذلك: تفوق مستشفى امللك فهد للقوات املسلحة بجدة، في عالج وجراحة الـقـلـب. ومــعــروف، أن هــذه املستشفيات إنــمــا أنـشـئـت لــعــالج منسوبي الوزارة، أو الجهة التابعة لها. ومع ذلك، فإن هذه املستشفيات تخصص جزءا من خدماتها للمواطنني، حتى وإن كانوا من غير املنسوبني لها. وكثيرا ما تضطرها ضغوط منسوبيها املتزايدة للتوقف عن خدمة غير املنسوبني، فيمسي الوصول إليها، من قبل املواطن العادي، مستحيال، أو صعب املنال.

 ??  ??
 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia