Okaz

العدل قبل االنتقام

-

اغتيال الرئيس اليمني السابق صالح كان مأساويا، والتمثيل بجثته كان صادما أعاد القلوب املتعاطفة وغيرها إلى حالة االستنكار.. ولـو عدنا للخلف فـإن ميتة الرئيس صـدام حسني كانت أضحية تم شنقها في يوم العيد الكبير ولم يدر بخلد قاتليه أنهم نظفوا سيرته فتسابقت القلوب لضمه ولهجت األلسن ترحما عليه، حتى قيل إنه شهيد وأدخل إلى املوت من باب االستشهاد. وبــني مقتل صــدام واغـتـيـال صـالـح كـانـت ميتة معمر الـقـذافـي التي هيجت النفوس ومكنت األلسن من التنديد بطريقة موته، خصوصا بعد مشاهدته ينقاد مـن أنـفـار يتصايحون وكأنهم أوقـعـوا فريسة يجب تعذيبها.. هــذه املـشـاهـد الـثـاثـة لقتل رؤســـاء عــرب كــان لـهـا األثـــر العميق في نفوس الشعوب العربية، حتى من كان كارها لهم تحفظ على طريقة موتهم، ووجد في نفسه غضاضة للفعلة ذاتها سواء صرح بذلك أو أخفى تصريحه.. لذا يمكنني القول إن شعوبنا العربية شعوب تجمع النقيضني في وقـت واحــد، وأهــم ما يمكن استنتاجه ظهور صفتني أساسيتني متناقضتني ملقتل الزعماء الثاثة، تتمثل فـي: التعاطف والوحشية. فطريقة القتل ال يمكن أن يكون فاعلها متمتعا بأقل من القليل عاطفيا، ونفس الفاعل تجده يتعاطف مع مقتل كلب أو هرة ويتباكى لوحشية من قام بقتل ذلك الحيوان املسكني... واذ نفينا عن القاتل أي عاطفة فتعالوا نجرب على أنفسنا نحن من لم يقم بقتل أي رئيس من الرؤساء الثاثة... اتفقنا. ألن نفس الذين حملوا حـقـدا على الـزعـمـاء الثاثة هـم أنفسهم مـن تعاطف ورفض طريقة مقتلتهم، الصفتان اللتان ذكرتهما (التعاطف والوحشية) تــشــي بــأنــنــ­ا مــازلــنـ­ـا خـــــارج الــتــربـ­ـيــة الــســلــ­يــمــة، فــالــتــ­ربــيــة السليمة تستهدف: العدالة عند القدرة، وألننا جميعا (رؤساء ومرؤوسني) ال نحفل بقيمة العدالة نكون فريسة لكل الصفات املشينة التي تحث على الـثـأر.. والثأر بأشد أنــواع التوحش، وعندما يثأر أحدنا بتلك الطريقة املقيتة تجدنا (نحن املشاهدين لعملية الـثـأر) متحسرين ناقمني على من قام باالنتقام.

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia