من ينشر مذكرات صالح
«أعددت مجلدين من مذكراتي، وبصدد إعداد املجلد الثالث، وهي تتضمن حقائق صعبة ومرة، لكنها لن ترى النور إال حينما أذهب إلـــى ربـــي» بــهــذه الـكـلـمـات تــحــدث الرئيس اليمني الـراحـل علي عبدالله صالح في 23 يــنــايــر عـــام ،2013 عــنــدمــا الـتـقـيـتـه فــي فناء منزله بالحي السياسي وسط العاصمة صنعاء، في أول حوار صحفي يجرى معه بعد تسليمه للسلطة. لم يكن صالح يعلم أن رحلة املصاعب السياسية واألزمـــات التراكمية في اليمن، ستنتهي به إلى هذه النهاية املأساوية، إذ قتل غـدرا بأيدي عمالء النظام اإليراني أمس األول. وبـعـد رحـيـل الــرجــل الــذي يعد أحــد الــقــادة الــعــرب الــذيــن ذهبوا ضحية مشروع والية الفقيه الكهنوتي الطائفي اإلرهابي، تتوقد األسئلة الباحثة عن شفرات اإلجابات العميقة، فصحوة الضمير العروبي قادت «الرقم الصعب» إلى حتفه، بيد أن التأكيدات القادمة من وسط العاصمة صنعاء، تشير إلى اقتراب حسم معركة «عودة العروبة» إلى عاصمة اليمن. استيقظ ضمير صالح قبل 48 ساعة من مقتله، عندما عرى وفضح مشروع والية الفقيه في اليمن وما سببه من أضرار للشعب اليمني والــذي كلفه حياته أيضا. صالح وإن اختلفت مواقفه في فــتــرات مــن حـيـاتـه إال أن ذلــك ال ينفي عـروبـتـه ووطنيته وحـرصـه على إبـقـاء اليمن عربيا. والعالم العربي مطالب الـيـوم أكـثـر مـن أي وقــت مضى باتخاذ مواقف واضحة للتصدي ملشروع والية الفقيه الذي قتل أحد القادة العرب، وشرد وقتل مئات اآلالف من املواطنني العرب الشرفاء. ويـرى مراقبون أن السعودية لن تترك اليمن في هذه الظروف الصعبة حتى إنهاء الوجود اإليـرانـي مـن األرض اليمنية العربية األصيلة، ويـعـود اليمن بكامله إلــى الحضن الـعـربـي، فيما يعول اليمنيون على أنصار صالح واملؤتمرين اليوم قبل الغد في فتح صفحة جديدة من التسامح والوقوف في وجه ميليشيا الحوثي واالنتفاض في وجهها ومقاومتها ونبذها ولجمها حتى إنهاء الوجود اإليراني. صالح يوارى الثرى تاركا أشجار الزيتون والنب والطنب و(أيكا دنيا) والنخيل التي كان من عشاقها ويحرص على سقايتها في منزله في حدة. ويبقى أحد األسئلة معلقا بعد مقتله: من ينشر مذكراته التي قــال لـي إنـهـا تتضمن حقائق صعبة ومــرة و«ستنشر بعد انتقالي للرفيق األعلى؟»، و«هل أحرق الحوثي هذه املذكرات، أم أن هناك من احتفظ بها وحافظ عليها؟»، واأليام وحدها كفيلة باإلجابة عن هذه األسئلة.