Okaz

«ò ‪b¹ w …d¼uł sLO‬ åÂU×

-

عندما كنت في اليمن مطلع التسعينات من القرن املنصرم سألني صديق قادم للعمل في اليمن أستاذﴽ جامعيﴼ عن أحسن انطباع تكون لديك عن البلد والشعب واملجتمع؟ قلت له هي تلك الثقافة االجتماعية النادرة والتي تتسم بميلها إلى الحوار وتبتكر دائمﴼ للمشكالت حلوال أيﴼ كان نوعها، وفي النهاية تحظى بقبول الجميع، وألن أغـلـب اليمن مـن سكنة الـجـبـال والسـيـمـا فـي مناطق الـشـمـال، فــﺈن نـبـرة الـصـوت تكون عندهم مرتفعة لكنها تخفي طيبة متناهية وأصالة فريدة لشعب نسﺞ التأريﺦ أغلب عناصر شخصيته أكثر مما فعلته الجغرافيا. كل هذه األشياء جالت بخاطري وأنا أشاهد رصاصات الغدر مليليشيا الحوثي اإليرانية تغتال الرئيس السابق علي عبدالله صالح، قبل أيام كان يدعو اليمنيﲔ لالنتفاضة ضد ميليشيا الحوثي الكهنوتية، والذين يحلمون بعودة حكم األئمة املتخلف، فقد عزلوا اليمن عن العالم تمامﴼ فال تعليم وال صحة وال طرقات وال أي مظهر من مظاهر الحياة املدنية الحديثة أبدﴽ. وملن يريد التعرف على تفاصيل تلك املرحلة من عهود حكام اليمن من األئمة والتي يطالب الحوثيون املتمردون برجوعها ومﺂسيها إلى اليمن أن يرجع إلى مذكرات «كنت طبيبة في اليمن» للدكتورة الفرنسية «كلودي فايان» أو مذكرات أعضاء أول بعثة عسكرية عراقية إلى اليمن في مطلع عقد األربعينات من القرن املنصرم، حيث وصف املقدم سعيد صفوت أحد أعضاء البعثة اليمن «بأنها جوهرة في يد فحام». وأضاف لقد احتجنا ونحن القادمﲔ إليها من العراق وليس من سويسرا إلى شهور الستيعاب الصدمة من بلد يرزح تحت نير البؤس والحرمان والتغييب بصورة مطلقة. نعم إنها الحرب التي ال بد منها من أجل الحفاظ على اليمن تأريخﴼ وحاضرﴽ ومستقبال أمام جماعات ليس لها هدف مقنع سوى تخريب البلد وإدخاله في أتون فتنة مذهبية وشعارات غريبة ال سابق لها وسط غموض مقصود لجماعة متمردة على القانون تحارب الدولة منذ سنوات. إن من يستمع إلى تصريحات عناصر هذا التمرد يصاب بالغثيان، فمرة تحت شعار محاربة أمريكا وإسرائيل والتي تبعد آالف األميال عن جبال صعدة، وكأن من يحكم اليمن هم ليسوا أبناء ه إنما جنود املارينز، وكأن الدولة املوكل إليها حماية اﻵمنﲔ هي من خرب السلم األهلي ونشر الفوضى. وكلما أرادت الحكومة الشرعية تطبيق القانون وبسط السيادة على البالد يبرز هنا وهناك من يدعو إلى الحلول الوسط وتغليب منطق الحوار والتسامح، هذا املنطق ربما يتحمل جزءا منه بحسب من يدعون للحوار مع هذه امليليشيا اإلرهابية، قد ساهم في توسع هذه الجماعة خالل السنوات املاضية مع توافر عناصر الدعم واإلسناد لها من قوى إقليمية معروفة، إال أن الحزم الذي أظهرته قيادة التحالف واإلصرار على ترسيﺦ مفهوم الدولة وإنفاذ القانون على كل مناحي البالد لقي استحسانﴼ والتفافﴼ واسعﴼ من أبناء الشعب اليمني. وحمل دالالت عميقة مـن أبـرزهـا أن الـتـراخـي فـي قمع التمرد الحوثي يحمل مخاطر جمة تتعدى في آثارها املحلية إلى اإلقليم والبلدان املجاورة لليمن، والتي تعيﺶ أصال بالقرب من مناطق صراعات وحروب أهلية في القرن األفريقي وغيرها من املناطق لتشكل امتدادﴽ لخط من الحروب واألزمـات الطويلة والتي أرهقت اإلقليم وجعلت من مهمات الحكومات بدال من التعاطي مع برامﺞ التنمية هو اللجوء إلى التسلح والدخول في صراعات ونزاعات ال تهدف في النهاية إال إلـى تفتيت الـدولـة كﺈطار راق لعيﺶ السكان املشترك وتأمﲔ مستقبلهم في حياة كريمة.. هذا إضافة إلى أن الحاجة صارت ماسة وعاجلة إلى تغليب فكرة الدولة مهما كانت الحجﺞ والذرائع على منطق التمرد الذي إن ساد وانتشر في املنطقة سوف لن يجلب للبشر غير الدمار والخراب وحرق األخضر واليابس. فــﺈذا كـان أضعف ما يستطيع أن يقوم به املسلم هو الـدعـاء في القلب لتغيير املنكر، فوالله إننا نــرى منكرﴽ نصرخ بأعلى صوتنا أن أكبر املنكرات هـو تمزيق وحــدة الـبـالد وتشتيت قوتها، ولعمري فﺈن أهل اليمن النجباء أدرى بشعابها، فهم اليوم مدعوون وبكل ما أوتوا من عزيمة وقوة إلى رص صفوفهم خلف قيادتهم الوطنية، متناسﲔ خالفاتهم بﺈيمان يمان وحكمة نادرة إلى االلتفاف والتوحد في الكفاح وتعزيز اإلرادة الوطنية في القضاء على هذه امليليشيا اإلرهابية اإليرانية، مها كلف من تضحيات ورفض منطق الحوار مع هذه الجماعة اإلرهابية، ألن االعتراف بالتفاوض بمعنى إعطائهم شرعية وتصبح هذه امليليشيا شبيهة بحزب الله في لبنان، فاالنتباه االنتباه. وليحفﻆ الله اليمن وأهله الكرام.

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia