W UF « W¾ON « rOEMð ﺃﻓﻴﺎﺀ W UI¦K
إن واقــــع الــحــيــاة يــؤكــد لــنــا يــومــا بــعــد يــــوم، أن القيمة الحقيقية ألي أمة من األمم ال تقاس بمساحتها وال بعدد سكانها، وإنما تقاس في املقام األول بمقدار ما تقدمه للعالم من منتجات فكرية وعلمية وصناعية، فنتاج األمة الثري هو ما يمثل قيمتها التي تفاخر بها. لكن ذلك ال يتحقق إال لأمم التي تبذل جهدا كبيرا في االعتناء بتنمية أفـرادهـا علميا وفكريا ومهاريا، فال يتجه جل اهتمامها إلـى جانب ويهمل غـيـره. ولـهـذا نجد أن رؤيــة اململكة 20٣0 جاءت لــتــؤكــد أهــمــيــة الـتـنـمـيـة الــشــامــلــة، الــتــي مــن أهـــم فروعها التنمية الثقافية، فالثقافة هي األساس األمﱳ في بناء فكر الـفـرد وتكوين شخصيته ومبادئه ورؤيـتـه نحو الحياة عامة، وبالتالي تشكيل نـوع تفاعله مع قضايا مجتمعه ووطنه. لذلك استبشر الـنـاس ملـا سمعوا خبر إنـشـاء هيئة عامة للثقافة، فﺈنشاء هذه الهيئة يبعث األمل في أن تكون لها إيجابيات كثيرة تعود على الثقافة املحلية بالنفع، خاصة أن الظروف االجتماعية الحالية تشجع على ذلك، بعد أن خفت حدة التطرف الديني في مقابل االعتدال وباتت هناك مساحة من الحرية أرحب من السابق يمكن ألشكال جديدة من الثقافة أن تنمو وتتطور خاللها. وقـبـل أيـــام صــدر تنظيم جـديـد للهيئة مـكـون مــن ٥١ مـــادة، توضح هيكلها اإلداري ومرجعيتها وأهـدافـهـا واختصاصاتها وغـيـر ذلك. إال أنـي توقفت عند بعض املــواد التي أظنها في حاجة إلـى شـيء من التأمل. مثل مـا جــاء فـي املـــادة الخامسة، مـن أن للهيئة )مجلس إدارة يعﲔ رئيسه بأمر ملكي ويعﲔ أعضاؤه ورئيسه التنفيذي بأمر من رئيس مجلس الــــوزراء(، بينما فـي املــادة الثامنة نـﺺ يشير إلــى أن للهيئة )رئيس تنفيذي( يعﲔ ويعفى بقرار من املجلس، )وحسب التعريفات الـواردة في املادة األولى من التنظيم(، فﺈن املراد باملجلس هو مجلس إدارة الهيئة، وهو ما يسبب تناقضا واضحا ما بﲔ املادتﲔ )٨،٥(. أيضا، ورد في املـادة الثالثة من التنظيم قول )تتولى الــوزارة ]وزارة الثقافة واإلعالم[ اإلشراف على قطاع الثقافة، والتنسيق مع الهيئة بما ال يخل بغاياتها(. بينما تنﺺ املــادة السادسة على أن )املجلس هو السلطة املهيمنة على الهيئة(! فكيف يكون لوزارة الثقافة )اإلشراف على قطاع الثقافة( حسب املادة الثالثة، وفي الوقت نفسه يكون مجلس إدارة الهيئة هو )السلطة املهيمنة( حسب املادة السادسة؟ مـضـمـون املـــادة الـثـالـثـة أضــفــى كـثـيـرا مــن الـضـبـاب على استقاللية الهيئة، فحسب هـذه املــادة، تبدو الهيئة أقرب ألن تكون مجرد جهة تنفيذية تتبع للوزارة، ألنها بحكم التنظيم خاضعة إلشرافها وملزمة بالرجوع إليها! إضــافــة إلـــى هـــذا، فـــﺈن الـهـيـئـة بـحـسـب املــــادة الـثـانـيـة من الــتــنــظــيــم، تــرتــبــط تــنــظــيــمــيــا بــرئــيــس مــجــلــس الشؤون االقــتــصــاديــة والــتــنــمــيــة، وهــــو مـــا يــجــعــل لــهــا مرجعﲔ: أحـدهـمـا لـلـشـؤون التنظيمية واﻵخـــر لـلـشـؤون الثقافية، وتعدد املرجعيات عامل في الوقوع في التذبذب والبلبلة والتأخير، بما قد ينعكس سلبا على نشاط الهيئة. فلماذا تبقى الهيئة خاضعة إلشراف الوزارة؟ ولم ال تعطى صالحية كاملة في اتخاذ كافة القرارات الثقافية، واالكتفاء بارتباطها بمجلس الشؤون االقتصادية والتنمية؟ أخيرا، لم يشر التنظيم إلى سياسة محددة أو رؤية واضحة للهيئة، فبدت بعض األمور مبهمة بما في ذلك غموض الرسالة التي تحملها الـهـيـئـة، وفـيـم إن كـانـت مـوجـهـة نـحـو خـدمـة قـضـايـا النخبة املثقفة، أم خــدمــة املــواطــن الــعــادي لــالرتــقــاء بـثـقـافـتـه؟ وهـــل ستعمل منفردة أم ستكون جــزءﴽ مـن شبكة شـراكـات واسـعـة مـع املؤسسات األكاديمية واإلعالمية والفنية وغيرها؟ ﻋﺰﻳﺰة اﻟﻤﺎﻧﻊ