Okaz

القدس.. وصناعة اإلرهاب

- د. رشيد بن حويل البيضاني Dr.rasheed17@gmail.com

لم يقتصر األمـر على الرفض العربي واإلسالمي لقرار الرئيس األمـــريـ­ــكـــي تـــرمـــب بـــشـــأن االعــــتـ­ـــراف بــالــقــ­دس عــاصــمــ­ة للكيان الصهيوني، ونـقـل الـسـفـارة األمـريـكـ­يـة إلـيـهـا، كما وعــد اليهود وإسرائيل قبل انتخابه، وإنما تحرك العالم كله مطالبا ترمب بـالـتـريـ­ث فــي اتــخــاذ هــذا الــقــرار غـيـر املــحــسـ­ـوب، نــوهــت روسيا وأملـانـيـ­ا وفرنسا وغـيـرهـا، بعواقب هــذه الخطوة الـتـي ستفتح أبواب جهنم ال في العالم العربي وحسب، بل في العالم بأسره، نعم، ترمب استطاع أن يستغل انشغال العالم العربي واإلسالمي بمشاكله وصراعاته وحـروبـه، لكنه لم يقدر مكانة القدس عند أكثر من مليار مسلم في العالم. الرجل قد اتخذ قراره عن اقتناع تام، سواء ما يتعلق باملصالح واملكسب والخسارة، وهو رجل أعمال، أو فيما يتعلق بالجانب العقدي، وما تمثله القدس من أساطير في الفكر الديني اليهودي واملسيحي الصهيوني. ولــســنــ­ا هــنــا فــي مــجــال مـنـاقـشـة دوافـــــع تــرمــب، وال استخفافه بـمـصـالـح­ـه مــع الــعــالـ­ـم الــعــربـ­ـي واإلســـال­مـــي، ولــكــنــ­ي فــقــط أريد أن أنــوه إلــى ردود األفــعــا­ل العربية واإلسـالمـ­يـة الـتـي «حذرت» و«رفـضـت» و«أدانـــت» و«شجبت»، وأخشى أن يتوقف رد الفعل على ذلك االنفعال وحسب. قد يسأل البعض: وماذا بيد العرب؟! بيدنا الكثير، على الرئيس الفلسطيني أوال وقبل كل شــيء، أن يتجه إلـى الجمعية العامة إلصدار قرار إلزامي بفرض االئتمان الدولي، أو الحماية الدولية لألراضي الفلسطينية املحتلة، والتوجه إلى كل املحافل الدولية ذات الــتــأثـ­ـيــر، وبــعــيــ­دا عـــن مــجــلــس األمــــن الــــذي يــشــكــل حماية إلسرائيل من قبل أمريكا. ولدينا سالح ناجح حبذا لو استخدمه العرب واملسلمون وروجوا له، أال وهو املقاطعة للمنتجات األمريكية إال ما اضطررنا إليه، خاصة وأن الواليات املتحدة لم تعد وحدها على الساحة في ما يتعلق بالتقدم التكنولوجي. إن قرار ترمب يعني القضاء على أي أمل في حل القضية الشائكة للشعب الفلسطيني، إذ لم يعد هناك ما يتم التفاوض عليه، فال عـودة لالجئني، وال عـودة لـألرض، وال دولـة مستقلة، كما يعني فقدان املصداقية للدور األمريكي في حل القضية. واألخــطــ­ر مــن ذلـــك كــلــه، أن خــطــوة كــهــذه سـتـفـتـح أبــــواب جهنم ليخرج منها اإلرهابيون واملتطرفون، لضرب املصالح األمريكية فـي املنطقة، وعندها لـن يجدي الحديث عـن مواجهة اإلرهاب، فـهـنـاك دولـــة عظمى تصنع هــذا اإلرهــــا­ب وتـغـذيـه وتــمــده بكل عناصر البقاء، وستكون أمريكا أول من يدفع الثمن. منطقتنا ليست بحاجة بعد ملزيد من االشتعال نتيجة مثل هذه الــقــرار­ات الـرعـنـاء الحمقاء، لكن كتب علينا أن نتلقى ضربات األشـقـاء واألصــدقـ­ـاء، والله غالب على أمــره ولكن أكثر الناس ال يعلمون.

للتواصل أرسل sms إلى 88548 االتصاالت 636250, موبايلي, 738303 زين تبدأ بالرمز 177 مسافة ثم الرسالة

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia