القدس.. وصناعة اإلرهاب
لم يقتصر األمـر على الرفض العربي واإلسالمي لقرار الرئيس األمـــريـــكـــي تـــرمـــب بـــشـــأن االعــــتــــراف بــالــقــدس عــاصــمــة للكيان الصهيوني، ونـقـل الـسـفـارة األمـريـكـيـة إلـيـهـا، كما وعــد اليهود وإسرائيل قبل انتخابه، وإنما تحرك العالم كله مطالبا ترمب بـالـتـريـث فــي اتــخــاذ هــذا الــقــرار غـيـر املــحــســوب، نــوهــت روسيا وأملـانـيـا وفرنسا وغـيـرهـا، بعواقب هــذه الخطوة الـتـي ستفتح أبواب جهنم ال في العالم العربي وحسب، بل في العالم بأسره، نعم، ترمب استطاع أن يستغل انشغال العالم العربي واإلسالمي بمشاكله وصراعاته وحـروبـه، لكنه لم يقدر مكانة القدس عند أكثر من مليار مسلم في العالم. الرجل قد اتخذ قراره عن اقتناع تام، سواء ما يتعلق باملصالح واملكسب والخسارة، وهو رجل أعمال، أو فيما يتعلق بالجانب العقدي، وما تمثله القدس من أساطير في الفكر الديني اليهودي واملسيحي الصهيوني. ولــســنــا هــنــا فــي مــجــال مـنـاقـشـة دوافـــــع تــرمــب، وال استخفافه بـمـصـالـحـه مــع الــعــالــم الــعــربــي واإلســـالمـــي، ولــكــنــي فــقــط أريد أن أنــوه إلــى ردود األفــعــال العربية واإلسـالمـيـة الـتـي «حذرت» و«رفـضـت» و«أدانـــت» و«شجبت»، وأخشى أن يتوقف رد الفعل على ذلك االنفعال وحسب. قد يسأل البعض: وماذا بيد العرب؟! بيدنا الكثير، على الرئيس الفلسطيني أوال وقبل كل شــيء، أن يتجه إلـى الجمعية العامة إلصدار قرار إلزامي بفرض االئتمان الدولي، أو الحماية الدولية لألراضي الفلسطينية املحتلة، والتوجه إلى كل املحافل الدولية ذات الــتــأثــيــر، وبــعــيــدا عـــن مــجــلــس األمــــن الــــذي يــشــكــل حماية إلسرائيل من قبل أمريكا. ولدينا سالح ناجح حبذا لو استخدمه العرب واملسلمون وروجوا له، أال وهو املقاطعة للمنتجات األمريكية إال ما اضطررنا إليه، خاصة وأن الواليات املتحدة لم تعد وحدها على الساحة في ما يتعلق بالتقدم التكنولوجي. إن قرار ترمب يعني القضاء على أي أمل في حل القضية الشائكة للشعب الفلسطيني، إذ لم يعد هناك ما يتم التفاوض عليه، فال عـودة لالجئني، وال عـودة لـألرض، وال دولـة مستقلة، كما يعني فقدان املصداقية للدور األمريكي في حل القضية. واألخــطــر مــن ذلـــك كــلــه، أن خــطــوة كــهــذه سـتـفـتـح أبــــواب جهنم ليخرج منها اإلرهابيون واملتطرفون، لضرب املصالح األمريكية فـي املنطقة، وعندها لـن يجدي الحديث عـن مواجهة اإلرهاب، فـهـنـاك دولـــة عظمى تصنع هــذا اإلرهــــاب وتـغـذيـه وتــمــده بكل عناصر البقاء، وستكون أمريكا أول من يدفع الثمن. منطقتنا ليست بحاجة بعد ملزيد من االشتعال نتيجة مثل هذه الــقــرارات الـرعـنـاء الحمقاء، لكن كتب علينا أن نتلقى ضربات األشـقـاء واألصــدقــاء، والله غالب على أمــره ولكن أكثر الناس ال يعلمون.
للتواصل أرسل sms إلى 88548 االتصاالت 636250, موبايلي, 738303 زين تبدأ بالرمز 177 مسافة ثم الرسالة