Okaz

الشرطة البيئية السعودية.. العربة قبل احلصان!

- أحمد أبوعمرو الغامدي - أستاذ علم النبات المشارك في جامعة حائل aaboamr2@yahoo.com

تـداول مواطنون، خصوصا املهتمني بالشأن البيئي أخيرا، خبر اعــتــزام وزارة البيئة واملــيــا­ه والــزراعـ­ـة إنــشــاء جـهـاز للشرطة الــبــيــ­ئــيــة يــعــمــل عــلــى ضــبــط الـــســـل­ـــوك الــبــيــ­ئــي ومنع الـــتـــج­ـــاوزات واملــخــا­لــفــات، بـكـثـيـر مـــن الغبطة والـــــسـ­ــــرور بـــاعـــت­ـــبـــاره قـــــــرا­رًا حــكــيــم­ــًا طال انتظاره ويصب مباشرة في مصلحة الـــوطـــ­ن وعـــــدم الــســمــ­اح للعابثني بـمـكـونـا­تـه ومـــقـــد­راتـــه، وتتويجًا ملـــــنــ­ـــاشـــــ­دات كــــثــــ­يــــرة تــــمــــ­ت خال السنني املاضية. ومــــــن املــــتــ­ــوقــــع أن تـــهـــتـ­ــم الشرطة الــبــيــ­ئــيــة بـــضـــبـ­ــط املـــخـــ­الـــفـــن­ي لسامة وصـحـة البيئة ومــراقــب­ــة ومـعـاقـبـ­ة األفعال التي تشكل انتهاكًا واضحًا لصحة وسامة اإلنــســا­ن والـحـيـوا­ن والـنـبـات والطبيعة، بما في ذلك: الصيد الجائر واالحتطاب الجائر والتعدي على املحميات وعلى الـتـنـوع الــحــيــ­وي، والـعـبـث باملمتلكات العامة ورمي النفايات والتلوث بأشكاله املادي والسمعي والبصري كتلوث الهواء بـــأدخـــ­نـــة املـــصـــ­انـــع والــــســ­ــيــــارا­ت وتلوث املـــيـــ­اه الــجــوفـ­ـيــة ومـــيـــا­ه الــبــحــ­ار وتلوث التربة واملحاصيل واألطعمة والتدخني والــشــيـ­ـشــة فــي األمـــاكـ­ــن الــعــامـ­ـة، وسرقة املــيــاه والـــرمــ­ـال والــصــخـ­ـور واألراضـــ­ـي والشواطئ، إضافة لنشر الوعي البيئي لـــدى جـمـيـع شــرائــح املــجــتـ­ـمــع، وغير ذلك من مهمات متعددة ومتشعبة. ولــــــكـ­ـــــن الــــــــ­ســــــــؤ­ال الــــــــ­ــــذي ينبغي طـــــرحــ­ـــههـــــ­ــو:هــــــلنـ­ـــحــــنج­ـــــاهـــ­ــزون لـــــعـــ­ــمـــــل هـــــــــ­ــــــــذه الـشـرطـة؟ هـل العمل واملـنـظـو­ر البيئي لدينا واضــح املـسـار واملهمات والقوانني والجهات املرجعية تشريعيًا وتنفيذيًا؟ هل لدينا خطة بيئية إستراتيجية متوسطة وبعيدة املــدى؟ وهل لدينا أهــداف وتنسيق ومسؤوليات محددة وواضحة وصارمة في مجال العمل البيئي وملزمة للجميع من قطاعات حكومية وخاصة ومواطنني ومقيمني؟ وهل تلك الجهات واألفـــرا­د حاليًا على وعــي كــاف بمفهوم البيئة ومكوناتها وخـطـورة التعدي عليها والقوانني املنظمة لها؟ وبالتالي معرفة ما يترتب على انتهاك تلك القوانني من عقوبات مغلظة وغير مغلظة! إن بـــادنـــ­ا مـــن أوائـــــل الـــــدول الــنــامـ­ـيــة الــتــي أنـــشـــأ­ت أجـــهـــز­ة وإدارات متخصصة للبيئة، وسـنـت الـعـديـد مــن الـقـوانـن­ي لحمايتها، وبذلت األموال من أجل تنميتها، وشاركت بفعالية في املؤتمرات واالتفاقيا­ت الـدولـيـة الخاصة بها، ولكن الـوضـع البيئي لدينا يسير لألسف من سيئ إلى أسوأ حتى غدت بعض مدننا مهددة بتصنيفها ضمن األكثر تلوثًا على مستوى العالم، وأصبحنا نشاهد ليل نهار من يعتدي على املمتلكات ويرمي النفايات دون رادع من حسيب أو رقيب، وكل ذلك با شك مرجعه لغياب املفهوم والعمل وامليثاق واإلستراتي­جية البيئية امللزمة لكل األطراف املذكورة سلفًا. إن التسرع في إنشاء جهاز الشرطة البيئية أشبه ما يكون بوضع العربة أمام الحصان، وقد ينتج عنه عشوائية فــي التطبيق وفــرض لـلـغـرامـ­ات دون وجــود مبررات قانونية واضحة وكافية، ما قد يثير ردة فعل الشارع السعودي بشكل معاكس ملا يتوقعه الكثيرون، ولنا في تجربة نظام ساهر خير مثال، فبالرغم من حسناته في تقليل الحوادث وفقد األرواح وتخفيف اإلصابات، وبالرغم من مـرور سنوات على تطبيقه إال إنه ال يـزال يفتقد املهنية الفنية الكافية إلقناع املخالف باستحقاقه للمخالفة في كثير من الحاالت، بل إنه عزز قناعة الكثيرين بأن تحصيل األموال هو أحد أهدافه التي تكللت بالنجاح التام!

 ??  ??
 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia