قطيع الهاشتاقات على تويتر
أيا ما كانت األفكار التي يبني عليها الجمهور رأيه العام ويزايد عليها فهي ال تخلو مـن ثقافة القطيع أي «التبعية»، وهــذا ما يـمـكـن مـاحـظـتـه عــنــد قـــــراءة بــعــض الــهــاشــتــاقــات عــلــى تويتر وخــاصــة الـتـي تصل إلــى الـتـرنـد، حيث إنـهـا تفسر تلك الحالة العاطفية التي تسيطر على الجمهور الــذي يلتقي فكريا عند نقطة ما، بينما تذوب استقالية الرأي الفردي ويصبح مرفوضا مستنكرا إلــى الــدرجــة الـتـي يـبـدو فيها مـحـتـوى بـعـض الطرح منسوخا ومكررا ألكثر من مرة من قبل مستخدمني آخرين، في حالة من التماثل لـردود األفعال التي يتصف بها الجمهور في طبيعته الفطرية. يصعب على الفرد املنساق ضمن جمهور أن يعبر تعبيرا مبنيا على كيفية ذاتية دون أن تبنى ردة فعله على غير املماثلة إزاء ردود األفعال األخرى التي ينساق لها وتؤثر بالتالي على رأيه وطريقة تعبيره متجاها ما ينبغي أن يفعله لتوكيد ذاتيته، هذا ال يعني أننا سنشجع على «الشطحات» غير املقبولة، فاألمر يتطلب االتــزان، ولكنه من املمكن أن يدخل أحدنا إلـى هاشتاق ويـفـهـم اتــجــاه جــمــهــوره مــن الــحــالــة الــعــامــة الــتــي تـطـغـى عليه، مــا يعني وقــوع الــفــرد تحت ضغط املــؤثــرات االجتماعية التي تفرضها التبعية بشكلها الطبيعي في الواقع النفسي للجماهير، حتى وإن كان ذلك يحدث في مجتمع افتراضي. هــذا الــــرأي ال يـعـمـم، إنــمــا هــي مـحـاولـة إلعــــادة الـنـظـر فــي طرق اخـتـافـنـا مــع اآلخـــر، فالكثير مــن الـهـاشـتـاقـات بـارتـفـاع خطها العصبي وسرعة انتشارها؛ يكثر فيها الجدل لسبب أنها ال تخلو من الـبـذاءة والتعدي في حق اآلخـريـن، فليس مهما أن نختلف ولــكــن املــهــم يكمن فــي مــدى تمسكنا بـاملـوضـوعـيـة والعقانية واملـــقـــدرة عـلـى االخــتــاف بــاحــتــرام، يـكـمـن فــي مـــدى مــا تعكسه التعبيرات املسؤولة وليس االحتكام لحالة انفعالية متسرعة توقع صاحبها في الخطأ. إن سلوك الجماهير يعبر عـن ثقافة املجتمعات التي ينتمون إلــيــهــا وأخــاقــيــاتــهــا ومــســتــوى تــحــضــرهــا، وبــالــتــالــي فإن تعبيراتنا الظاهرة هي مرآة أنفسنا في نهاية املطاف.