مبادرة «ارتقاء»
تطرح الـــوزارات واملؤسسات والهيئات - باستمرار - برامج ومبادرات مـوسـومـة بمصطلحات رنــانــة، تحمل طـمـوحـا عـالـيـا وأهــدافــا سامية ورؤى مــائــكــيــة.. كـلـنـا ثـقـة أن أغـلـبـيـة تـلـك الــبــرامــج صـمـمـت مــن أجل تحقيق تلك الطموحات واألهـــداف والـــرؤى، لكن طريقة التنفيذ - في املجمل - تأخذ طابعا رخيصا؛ رخص في الصرف عليها، ورخص في التعامل معها بجدية، ورخص في تحصيل نتائجها، فتتحول البرامج واملبادرات إلى عبث مضيع للوقت واملال والجهد.. وينتهي املطاف إما بإهمال املشروع أو إيقافه. مؤخرا، تم اإلعان عن مبادرة (ارتقاء) في وزارة التعليم بهدف (تعزيز مشاركة املدرسة مع األسرة واملجتمع في العملية التربوية والتعليمية).. هــذا تعريف الـــوزارة للمبادرة. وقــد أقـامـت لـه ملتقى خاصا بـ(شراكة املدرسة مع األسرة واملجتمع). مادة (التربية الوطنية)، بكل رؤيتها وأهدافها وطموحاتها.. تحولت إلـــى (مــشــروع ال هــويــة لــــه).. تفتقد فــي كـثـيـر مــن املـــــدارس إلـــى مامح واضـحـة. وبــني هــذا وذاك، ظهر مـشـروع (فـطـن)، وأيـضـا بعد أن توالت الـقـرارات تلو الـقـرارات والتعاميم تلو التعاميم.. والتشريعات واألدلة والسياسات.. على املـــدارس، تـاه (فطن) وخــرج عن مساره وتحول إلى (مشروع ال هوية له).. ثم تم إلغاؤه مؤخرا. قائمة املـشـاريـع واملـــبـــادرات والــبــرامــج الـتـي تطرحها وزارة التعليم - تحديدا - أصبحت هما يتفرغ له قادة املدارس ومعلموها.. يشغلهم عن همهم األساس (التربية والتعليم). الدراسات والتجارب العاملية في مجال التعليم؛ مثل: التجربة اليابانية أو الـكـوريـة أو الـكـنـديـة.. هـي لاستضاءة فقط وليست للتطبيق. لقد تجاوز العالم مرحلة التطبيق الصامت. نحن اآلن في حاجة البتكار تجربتنا الخاصة. مفهوم التعليم لم يعد إشراقة نور تعم (الجميع) من مطلع الشمس حتى مغربها.. بل أصبح لكل مجتمع إشراقته الخاصة باحتياجاته وذائقته وطبيعة ثقافته.. مبادرة (ارتقاء) هي ثقافة تهيئ وتمهد لرؤية ٠3٠2 بأن (تكون خمس جامعات سعودية فـي التصنيفات الدولية ضمن أبــرز ٠٠2 جامعة). املبادرة راقية فكريا وخطوة صحيحة في املسار الصحيح ألنها تبدأ من األساس.. لكن ما يترتب على تحقيقها من (تشريعات وأدلة وسياسات) هو الحكم الفصل في تحقيقها أم تحويلها إلـى (مشروع ال هوية له) مصيره اإللغاء بعد عامني أو ثاثة. مشاركة أصحاب االختصاص في أي مشروع تطرحه وزارة أو هيئة أو منظمة.. هو البوصلة التي تضمن السير في الطريق الصحيح.. دون ضجيج عال ليس له منقلب سوى ذهاب املضمون وبقاء الشكليات.