30 املسجداحلرام يرفعطاقتهإلى مليونمعتمر
العناية بالحرمني الشريفني من صميم رسالة ملوك اململكة العربية السعودية، وال أحد يزايد مطلقًا على العناية ببيت الله الحرام واملشاعر املقدسة في مكة املكرمة التي كرمها الله، إذ جعل بيته الـحـرام فيها، والـحـرص على تشييدها وتوسعتها وصيانتها وإعـمـارهـا وتهيئتها للعبادة، ال شك أن ذلـك كله يعد من أولـويـات القيادة السعودية، بدءا من عهد املؤسس امللك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -طيب الله ثراه. وسيبقى التاريخ دائمًا خير شاهد عدل وصدق على ما كان يؤكده املؤسس (يرحمه الله)، فالكل يدرك أن عبدالعزيز آل سعود قد بذل كل ما يملك من جهد في سبيل تيسير الحج على املسلمني وتــأمــني سبله حتى أصـبـح الــنــاس مــن أهل بالده وضيوفها من حجاج وعمار وزوار، يتنقلون عبرها من أقصاها إلى أدناها، ال يخشون إال الله.
تعزيز شبكة النقل
تبوأت اململكة مكانة مرموقة في العالم، وأصبحت عنوانًا لكرم الضيافة وحسن الوفادة، واستطاعت أن تحقق مكانة مميزة في قلوب ضيوف الرحمن واملسلمني في كل مكان، إذ شرفها الله بخدمة الحرمني الشريفني وحجاج بيت الله الحرام واملعتمرين والــزوار. وفي هذا السياق، قامت أخيرًا بتنفيذ توسعة ثالثة للحرمني الشريفني، وتطوير مطاراتها وزيادة طاقتها االستيعابية، كما أطلقت مشروع «مترو مكة املـكـرمـة»، استكماال ملـشـروع قطار املشاعر املقدسة وقطار الحرمني، إضافة إلى ذلك، عززت منظومة شبكة النقل من أجل تسهيل الوصول إلى الحرمني الشريفني واملشاعر املقدسة وتمكني ضـيـوف الـرحـمـن مـن أداء فريضة الـحـج والعمرة والــزيــارة بـكـل يـسـر وســهــولــة، وبـفـضـل الـلـه تـضـاعـف عدد املعتمرين من خارج اململكة )3( مرات خالل العقد املاضي حتى بلغ (٨) ماليني معتمر. تسعى السعودية وفق «رؤية ،»2030 إلى زيــادة الطاقة االستيعابية الستقبال ضيوف الرحمن املعتمرين من ٨ ماليني إلى 30 مليون معتمر، من خالل تسهيل إجراءات طلب التأشيرات وإصدارها وصوال إلــــى أتــمــتــتــهــا وتــطــويــر الــخــدمــات اإللــكــتــرونــيــة املتعلقة برحلة املعتمرين، وتوسيع نطاق الخدمات املتوافرة لهم ولعائالتهم ليستمتعوا برحلة متكاملة. وبحسب الخطط املستقبلية لــلــرؤيــة، فـــإن املـمـلـكـة تـتـجـه لـتـأسـيـس متحف إسالمي يبنى وفق أرقـى املعايير العاملية، ويعتمد أحدث الوسائل في الجمع والحفظ والعرض والتوثيق، وسيكون محطة رئيسة ملواطنيها وضيوفها للوقوف على التاريخ اإلسالمي العريق واالستمتاع بتجارب تفاعلية مع املواد
التعريفية واألنشطة الثقافية املختلفة، فيما تستهدف رفع عدد املواقع األثرية املسجلة في «اليونسكو» إلى الضعف على األقل.
توسعات تاريخية
شهد الحرم املكي اهتمامًا وعناية من قبل مؤسس اململكة امللك عبدالعزيز آل سعود (يرحمه الله)، إذ أمر عام ـه1344 بتشكيل إدارة خـاصـة سميت مجلس إدارة الــحــرم، كانت من مهامها إدارة شـؤون املسجد الحرام ومراقبة صيانته وخدمته، وفي عام ـه1346 تم ترميم أروقة املسجد الحرام وطــــالء الـــجـــدران واألعـــمـــدة وإصــــالح قــبــة زمــــزم، وتركيب مظالت لوقاية املصلني من حرارة الشمس، وتبليط ما بني الصفا واملـــروة بالحجر. وفــي شعبان 7431هــــ تـم تجديد مصابيح اإلنــارة في املسجد الحرام وزيادتها حتى بلغت
نـحـو ألــف مـصـبـاح، وفــي 14 صـفـر 3731هـــــ أنــيــر املسجد الــــحــــرام، وتــــم وضــــع املـــــــراوح الــكــهــربــائــيــة فـــيـــه، وسميت بالتوسعة السعودية األولى. وأصـبـحـت مـسـاحـة املـسـجـد الــحــرام بـعـد الـتـوسـعـة األولى تستوعب أكثر من ثالثمئة ألف مصل في وقت واحد، وفي صورة اعتيادية مريحة، وفي حاالت الزحام تستوعب أكثر من 400 ألف مصل. أمــا الـتـوسـعـة الـسـعـوديـة الـثـانـيـة فـقـد اسـتـمـر الـعـمـل فيها بــصــورة مـتـجـددة مــن عــام 5731هــــ إلــى عــام 6931هــــ على أربع مراحل. اسـتـمـرت أعــمــال التوسعة فــي عهد مـلـوك اململكة العربية الـــســـعـــوديـــة، لــيــشــهــد الـــحـــرم املـــكـــي أكـــبـــر تــوســعــة مـــر بها وذلــك فـي عهد خــادم الحرمني الشريفني امللك عبدالله بن عبدالعزيز، إذ كان -يرحمه الله- قد وافق مطلع 200٨ على البدء في إحـداث أكبر توسعة للحرم املكي الشريف، وعلى
3 مسارات. تضمن املسار األول توسعة مبنى الحرم املكي ليستوعب أكبر عدد ممكن من املصلني، ويتوقع أن يصل إلى مليوني مصل في وقت واحد. أما املسار الثاني فيهدف إلى توسعة الساحات الخارجية للحرم املكي لتضم دورات مياه وممرات وأنفاقًا، إضافة إلى مرافق أخرى، ومن شأن هذه املرحلة تسهيل دخول وخروج املصلني وزوار بيت الله الحرام. ويــعــنــى املـــســـار الــثــالــث بــتــطــويــر مـنـطـقـة الــخــدمــات التي تعد أحـد أهـم املـرافـق املساندة وتشمل محطات التكييف، ومحطات الكهرباء، إلى جانب محطات املياه وغيرها من املحطات التي تقدم الدعم الالزم ملنطقة الحرم. جــــاءت األعـــمـــال املــســتــمــرة الــتــي يــشــهــدهــا مـــشـــروع خادم الــحــرمــني الــشــريــفــني لــتــوســعــة املــســجــد الــــحــــرام، فـــي إطار التكامل فيما بينها لتكوين رؤيــة شاملة عصرية لتأمني ســالمــة وراحـــــة الــحــجــاج ووصــولــهــم بـيـسـر وســهــولــة إلى املسجد الحرام. وشملت أكبر توسعة 6 مكونات رئيسية، هي مبنى التوسعة والساحات الخارجية والجسور ومبنى املصاطب وممرات املشاة ومباني الخدمات بما فيها املراكز الصحية والدفاع املــدنــي ومـسـتـشـفـى ومـحـطـة الـتـكـيـيـف املــركــزيــة والتوليد االحتياطية. انطلقت الفكرة التصميمية في تهيئة منطقة الشامية لتوسعة الحرم املكي بشكل شعاعي، انطالقًا من مركز الكعبة باالتجاهات كافة، لتوجيه املصلني باتجاه القبلة، كما شملت أعـمـال التوسعة فـي مختلف جوانبها الــبــوابــة الـرئـيـسـيـة وهــي بــوابــة املــلــك عـبـدالـلـه الــتــي رفعت أعالها مئذنتان، ليصبح عدد مآذن الحرم .11 وتــحــظــى عــنــايــة املــمــلــكــة الــعــربــيــة الــســعــوديــة بالحرمني الشريفني بتقدير عاملي على مستوى الــدول واملجتمعات اإلســالمــيــة، فـمـنـذ عـهـد مـؤسـسـهـا ـ املــغــفــور لــه بــــإذن الــلــه ـ املــلــك عـبـدالـعـزيـز آل ســعــود، مــــرورا بـأبـنـائـه الــذيــن تولوا مقاليد الحكم في اململكة حتى هذا العهد الزاهر امليمون، عهد خادم الحرمني الشريفني امللك سلمان بن عبدالعزيز، واملــمــلــكــة تـــولـــي اهــتــمــامــا بــمــشــاريــع تــطــويــر املقدسات اإلسـالمـيـة، خصوصا الحرمني الشريفني فـي مكة املكرمة واملدينة املنورة، ما أسهم في راحة الحجاج واملعتمرين؛ إذ إن الحجاج دومًا يشيدون بما تقدمه اململكة من مشاريع، تؤكد حرصها على تفعيل شرف خدمة وحماية مقدسات املـسـلـمـني. ومـــازالـــت مــشــاريــع تـوسـعـة الــحــرمــني الشريفني واملشاعر املقدسة شاهدا على الجهود املبذولة من حكومة املـمـلـكـة الـعـربـيـة الــســعــوديــة لــراحــة الــحــجــاح واملعتمرين والــزوار، إذ تعد تلك التوسعة من األعمال التي يشهد بها كل منصف. وتعد املشاريع الجديدة في الحرمني الشريفني وتوسعتهما وتنفيذ املـشـاريـع العمالقة فــي مكة املكرمة واملشاعر املقدسة تجسيدا الهتمام خادم الحرمني الشريفني امللك سلمان بن عبدالعزيز وحرصه على تحقيق كل ما من شـأنـه راحـــة الـحـجـاج واملـعـتـمـريـن للتفرغ ألداء عباداتهم وتنقالتهم بني املشاعر بكل يسر وسهولة، فضال عن توفير الرعاية وتسخير جميع اإلمكانات لتوفير أفضل الخدمات للحجاج واملعتمرين والزوار. وتأتي توسعة الحرم املكي الشريف بعد أمر امللك عبدالعزيز بن عبدالرحمن بصيانة وتنفيذ كافة الخدمات من الكهرباء واملــيــاه وغيرها تكريما لـهـذا للحرم، ليواصل أبــنــاؤه من بعده تطوير وتجديد وتوسعة املسجد الـحـرام. ففي عهد امللك سعود استمرت عملية توسعة املسجد الـحـرام حتى عهد امللك فهد بن عبدالعزيز، إذ استمرت عمليات التوسعة وشــمــلــت تــجــهــيــز الـــســـاحـــات الـــخـــارجـــيـــة، وإدخــــــــال نظام التكييف، وإدخـال أنظمة اإلطفاء، واعتماد أفضل األنظمة التقنية واألمنية لتوفير أقصى درجــات الـراحـة لقاصدي بيت الله.