«ُحمى العيب».. ُتذيب «حكة اجلرب»!
مــع ظــهــور مـــرض الــجــرب فــي بــعــض املــنــاطــق، أطلت عـلـيـنـا ثــقــافــة مــا يـسـمـى بـــ «الــعــيــب» مــن جــديــد، عند الحديث مع املصابني أو محاولة تصويرهم، وكأنهم يــعــودون بـنـا إلـــى مــا قـبـل مــئــات الـسـنـني عـنـدمـا كان املرض يقلق القبائل العربية ويدفعها لعزل واستبعاد الجمال والحيوانات وحتى األشخاص الذين يصابون به، وكانت أدويتهم في ذلك الوقت الزيت أو القار الذي يستخدم لطلي أو دهن الجلد املصاب. وكان العرب قديما ومن شدة هلعهم من الجرب يرددون بعض األمثال من بينها «خلى ما بينك وبني الجرب غــيــط»، أي اتـــرك مـسـافـة كـبـيـرة عــن املــصــاب باملرض، وهي مبالغة في التنفير من الجرب، وآخر يقول: «من رافق الجربا على الحول يجرب». وأمام هذه الثقافة التي ربما تؤثر كثيرا على مكافحة املــــرض، يـسـيـر مـعـهـا بــالــتــزامــن إهــمــال وتـقـصـيـر من الـــجـــهـــات املــعــنــيــة، وفـــــي مــقــدمــتــهــا وزارتــــــــا الصحة والـتـعـلـيـم، الــتــي تكتفي بـالـتـطـمـيـنـات، والـتـقـلـيـل من خطورة املرض، الذي بدأ ينتشر بشكل مخيف، وسط صمت عجيب وغـريـب، غيب اإلجـابـات على كثير من األسئلة التي تتمحور حول كيفية الحد من انتشاره، وخطورته، ومن أين جاء إلى كثير من املناطق، التي يتخوف سكانها مـن ارتـفـاع أعــداد الــحــاالت، وتفشي املرض بطريقة ال يمكن للجات املعنية السيطرة عليه. ورغم التصريحات املستفزة من بعض املسؤولني، التي تذهب إلى عدم خطورة املرض، إال أن املصابني وأسرهم واملخالطني، يخشون أن يكون هذا مؤشرا في التعاطي مع املـرض، الـذي ستكون له آثـار صحية واقتصادية، وحتى ثقافية، إن طالت مدة املكافحة دون نتائج تدل على أن جهودا تبذل ملكافحته. ويــــؤكــــد عـــــدد مــــن ذوي املـــصـــابـــني –رغــــــم أنـــهـــم غير متخصصني-، أنهم غير مقتنعني بإجراءات مكافحة ومعالجة املرض. ويرون بأن تجميع الطالب املصابني للكشف عليهم في نفس املدرسة، أمر يعرض نظرائهم املـخـالـطـني لــإصــابــة، ويـطـالـبـون بتخصيص مراكز يـنـقـل إلــيــهــا املــصــابــني لـتـلـقـي الــعــالج وحــرصــا على سالمة زمالئهم فـي املـــدارس أو املجمعات والهيئات الحكومية. ويشيرون إلى أن عملية التوعية املتعلقة باملرض ليست في املستوى املطلوب. وقالوا: «السليم ال يدري كيف يواجهه، واملريض ال يعلم كيفية العالج منه».