من ُيعني األمني ؟
قبل نحو أربعة عقود كتبت في «جريدة الندوة» رحمها الله مقاال امتدحت فيه موقفًا وطنيًا وخلقيًا ملهندس شاب رفض تلقي رشوة قيمتها مليون ريال، وكان املليون يساوي قيمته الشرائية في ذلك الحني عشرات املاليني مـقـارنـة بـالـوقـت الـحـاضـر، وكـــان مـقـالـي مبنيًا عـلـى خـبـر نـشـرتـه إحدى صحف الرياض -لعلها الرياض نفسها-، وكـان ذلك املهندس هو محمد القويحص الذي عني في اآلونة األخيرة أمينًا للعاصمة املقدسة. ومنذ نشر مقالي املشار إليه كنت أتابع أخباره وتنقالته اإلدارية التي كان منها توليه مسؤولية اإلدارة العامة للمياه والصرف الصحي أو «املجاري» حسب مسماها القديم، وذلك بمنطقة مكة املكرمة، وكان الدكتور املهندس يحيى كوشك الذي تولى املنصب نفسه في بداية إنشاء اإلدارة يعترض على مسمى «املجاري» ويقول ألصدقائه أثناء عمله بها إن الناس تسأله متى التحقت باملجاري، وبعد تركه لعمله: متى خرجت من املجاري.. ثم يطلق ضحكة مدوية بما عرف عنه من خفة ظل وروح مرحة. أما املهندس القويحص فقد ترك منصبه بعد ثباته على مواقف معينة فتم اختياره في وقت الحق عضوًا في مجلس الشورى، فأبلى فيه بالء حسنًا، وكان من أفضل أعضائه في الدورة الشورية التي قدم خاللها عددًا من مشاريع األنظمة اإلدارية واملالية، حسب ما كان ينشر في حينه ضمن ما ينشر من تقارير عن نشاط مجلس الشورى. واآلن أراه قد عاد –بثقة غالية- إلى موقع متقدم من مواقع العمل الحكومي الوطني، وأطـالـع صــوره في وسائل اإلعــالم والتواصل والصحف فأجد أمـامـي شيخًا تخطى حـاجـز الستني وقــد نهض الشيب بـرأسـه ولحيته مصداقًا لقول الشاعر: والــــــــــشــــــــــيــــــــــب يـــــــنـــــــهـــــــض فـــــــــــــي الــــــــــشــــــــــبــــــــــاب كــــــأنــــــه
لــــــــــــــيــــــــــــــل يـــــــــــصــــــــــــيــــــــــــح بـــــــــــجـــــــــــانـــــــــــبـــــــــــيـــــــــــه نـــــــــــهـــــــــــار وأتـحـسـس أحــالم أم الـقـرى وأتــأمــل واقـعـهـا فـأتـسـاءل مــاذا يمكن لألمني الجديد أن يقدم لها، وإذا كانت جوالته التي قام بها تنم عن روح وإرادة ورغبة في تحقيق ما يصبو إليه ولي األمر فإنه يحتاج إلى من «يعينه بقوة» على تحقيق إنجاز يليق بالعاصمة املقدسة، فهل سيجد األمني.. األمني الداعم املعني؟
* كاتب سعودي