بس يا واد بال (بهلله) !
بــدون شـك، نحن نـتـذوق أشـيـاء كثيرة فـي حياتنا غير الطعام والشراب ونتلذذ بها. نـتـذوق الجمال واملوسيقى والـفـنـون بشتى أنـواعـهـا ويختلف تأثيرها علينا بحسب البيئة والذائقة التي لو ما اختلفت لبارت السلع ! وفـــي الــذائــقــة املـوسـيـقـيـة هــنــاك مــن يـسـمـع األغـــانـــي، وهــنــاك مــن يسمع الشيالت، وأنا حقيقة ال أتعاطى الشيالت إطالقًا وتحديدًا الهابطة منها، والتي تحتوي على كلمات تافهة وسخيفة ال معنى لها، وال أعمم فقد تجد بعضها عاطفيًا وبعضها وطنيًا ويدعو للشهامة وهذا جيد، ولكن بعضها يحمل مفاخرات قبلية مبالغًا جدًا بها وهذا أمر يدعو للنعرات واالنقسامات غير املحبذة بني أبناء الوطن. وعلى الطاري، سمعتني إنسانة (مشكوك) كثيرًا بذائقتها (شيلة) يقول فيها املؤدي: «حبيبي شرب شاهي بنعناع، وأنا شاهي أحمر شربوني»، فارتفع ضغطي وصـوتـي وقلت لها يـا بنت الـحـالل مـا دخلنا نحن إذا حبيبه شرب شاي وال (كابتشينو) ؟ فقالت ابشري وغيرتها ألخرى، قال فيها (شايل الشيلة): «الــطــول فــاتــن والـجـسـم حـيـل مــــوزون، قــدن وخــد ومـبـسـم ونــظــرة عيون، وردفــن وخصر وهيبتك في كتوفك». بعدها تعوذت بالله من الشيطان الرجيم ولزمت الصمت و(انثبرت) وأنا أتحلطم في مكاني. هـذه اإلنسانة من الفئة التي تحلل الشيالت وتحرم األغـانـي، حتى وإن استخدم فيها إيقاعات موسيقية، وقد ذكرتني بتصريح ألحد املجتهدين قــال فيه عــن الـشـيـالت إنـهـا أبــيــات تـنـشـد، وهــي فــي مجملها تــدور حول الحماس والشجاعة والكرم والبكاء على األطالل، وال تكاد تخرج عن هذا الحد. وفــي (الـكـوبـلـيـه) أعـــاله لــم يـخـرج املـــؤدي عــن الـحـد فحسب بــل خــرج عن النص واألدب وشطح وسرح بوصفه ملحبوبته بتفصيل سافر، وبعد كل هذا قد تجد نفسك وجهًا لوجه مع شخص يفتيك بجوازها ألن ليس فيها افتتان وعشق وغزل صريح كاألغاني كما يزعم ! املحسنات الصوتية حكمها حكم آالت العزف إن كانت مطابقة لها في الغاية والسبب، وقد عرض في أحد البرامج إيقاع شيلة على ملحن فقال: هذه إيقاعات راقصة تستخرج من (األورق). من حقك أن تستمع ملا يحلو لك لكن بــدون إفتاء و(فلسفة) الله يرضى عليك ! ألن أعداء الحياة املناقضني ألنفسهم بالدرجة األولى هم دائمًا من يبحثون عن أي أمر يستهويهم ويحللونه بتبريرات ساذجة وسطحية وغبية في ذات الوقت ! وهــذا إن دل فيدل على أن ذائـقـة اإلنـسـان هـي مجبولة على حـب الحياة واألنـــس واالسـتـمـتـاع بسماع املوسيقى املحببة للنفس، والــتــي تضفي عليها شيئًا من البهجة والسرور. أنـا لست صاحبة فتوى ولكنني مع الــرأي الـذي يقول إن األغاني ليست محرمة وهــذا شأني، وتلك هي قناعاتي وال أحتاج التوجيه أو النصح من أحد، وأترك الشيالت ألصحابها ألن لكل إنسان ذائقة معينة، وذائقتي وذاكـــرتـــي املـوسـيـقـيـة مـتـوقـفـة عـلـى الـثـمـانـيـنـات والـتـسـعـيـنـات ومـــا قبل ميالدي. وبـيـنـي وبـيـنـكـم، مــا يـرفـع ضغطي أكـثـر مــن شـخـص (يــهــز) ويـطـق رقبة على أنغام الشيالت، ثم (يعابطك) ويجيك يقولك تراها حالل وما فيها موسيقى، بس يا واد بال (بهلله) !
* كاتبة سعودية