العثمانيون من سفر برلك «املدينة املنورة» إلى فتح «عفرين»
يقول التاريخ: بني فعل الجريمة وفاعلها واملفعول به وظروفها الزمانية واملكانية عناصر كيماوية تمتد وتتوسع عبر خريطة تفاعات ال يتقنها إال من هو فرع من فروع فعل وفاعل الجريمة، سواء كانت بفعل حركة منصوبة بالفتح أو مجرورة بالكسر. تضاف إليها أداة إعراب الجريمة، وهي األداة التي غفل عنها الكثير من العرب. - الفعل في اللغة العربية فعل..! منصوبا كانت أم مجزومًا ومساحات املحيط التركي مليئة بفعل نصبها...! وأداة فعل جريمة النصب وحتى الفتح العثماني ممتدة مــن «املـديـنـة املــنــورة» الـتـي شـهـدت حـكـايـات ثـبـات وبـطـولـة وتضحيات صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم، التي نهبها وسرقها الفاعل العثماني فــخــري بــاشــا إلـــى «عــفــريــن» مـديـنـة الــشــعــوب والــقــبــائــل، والــتــي احـتـلـهـا حفيده أردوغان مع كتائبه اإلرهابية. - إن غفوة الحاضر العربي وقواميسها اللغوية وقواعدها ونحوها وصرفها عــن أفــعــال العثمانية الــزائــدة واملــجــردة فــي االســتــبــداد والـنـهـب والـسـرقـة ألكبر تركة ثقافية واقتصادية عربية في املدينة املنورة ودفن الكثير من املخطوطات واملسكوكات النقدية والصكوك والذهب، هي «الغفوة» غياب في التاريخ ورحيل من غمرة الواقع القادم حيث بات يقترب نجل فخري باشا ناهب املدينة رجب طيب أردوغان على أبواب دمشق من الناحية الشمالية لها بعدما أعاد سيناريو جـــده الــقــديــم بـحـرقـه مـديـنـة عـفـريـن الــكــرديــة ونـهـبـهـا وقــتــل نـسـائـهـا وأطفالها وتهجير مئات اآلالف من أبنائها. التهجير القسري كان بأمر من السلطان وفخري باشا كان متسلطًا ودمويًا. - «املــديــنــة املــنــورة» هــذه املـديـنـة الـتـي تحمل فــي جعبة تـاريـخـهـا قـصـص الدم والـطـغـيـان الـعـثـمـانـي - الـتـركـي مــن ذاك الــرجــل الـــذي قــايــض مـنـزلـه بكيس من الطحني كي يشبع جوع أطفاله في ظل استبداد فخري باشا العثماني وادعائه الخافة اإلسامية إلى رواية الحصار الخانق الذي فرضه هذا الديكتاتور على املدينة حتى نفدت كل املؤن في وقت كانت مخازن العسكر التركي تمتلئ بالتمر، حتى لـم يتبق مـن أهــل املـديـنـة ســوى 140 شخصًا، نعم كـانـت كـارثـة التهجير الجماعي والقسري في حق اآلالف من الرجال والنساء واألطفال، والتي خطط لها فخري باشا بقصد تفريغ املدينة من ناسها كما يفعلها اليوم في عفرين، بأمر من السلطان، لتعد بعد ذلك مدينة منكوبة يسكنها من العسكر األتــراك وبضع عشرات من النساء واألطفال ممن نجوا من التهجير. - الفعل والفاعل العثمانيان في مسافات التاريخ العربي ومساحات جغرافيتها كــان قائمًا ملـا يـقـرب مـن 600 سـنـة، وبالتحديد مـن 27 يوليو 1299 حتى 29 أكتوبر ،1923 وقد انتهت هذه الدولة بصفتها السياسية بتاريخ 1 نوفمبر سنة ،1922 واآلن يحاول ما يعتبر نفسه الوريث الشرعي للدولة العثمانية. هذه فضاءات العثمانيني الصفراء وحقيقتهم املخضبة باألحمر التي تلخص الفعل التركي الجنائي بحق املفعول العربي والــكــردي املجني عليهما، فعلى املستوى العربي، أنتج حالة املركزية ومنذ قرون وسياسة العزلة على املجتمع الــعــربــي الــتــي فــرضــهــا الـعـثـمـانـيـون كــل عــوامــل الــضــعــف الــداخــلــي والتجهيل والتجميد والتخلف الحضاري واالجتماعي، ولم يشهد التاريخ أي إنجاز ال في مجال العلوم أو الفنون أو اآلداب أو غيرها لهم، ففاقد الشيء ال يعطيه «نصر جرادة في جريدة عرب تايمز». ويتابع جرادة: في ذلك الوقت كانت أمتنا راقدة مخدرة تغط في سبات عميق، وكان العالم العربي في معظمه خاضعا الحتال مـجـرم قــاس غبي تـخـديـري مـدمـر للطاقات ومتخلف هــو االحــتــال العثماني، احـتـال أطـلـق مـن تزعموه على أنفسهم مسمى «خـلـفـاء» ظلمًا وزورًا وبهتانًا بهدف تزيينه في عيون الجهلة والبلهاء من أبناء أمتنا، في عملية استغفال عظمى ..! - أما الدكتور عاصم الدسوقي أستاذ التاريخ الحديث واملعاصر بجامعة حلوان فيقول: «إن العثمانيني ليسوا ســوى غــزاة ومستعمرين احتلوا بــاد الـعـرب 4 قــرون، مثلهم مثل االستعمار الفرنسي والبريطاني، واستنزفوا ثــروات العرب وأورثوهم الضعف والتخلف». - أما قصة الفعل التركي مع املفعول الكردي فا تختلف كثيرًا عن املفعول العربي إال بالزيادة في نسبة الحقد والقتل والتدمير، وبعد 100 عام «سفر برلك» املدينة يأتي فتح عفرين بـالـدم والقتل والسرقة وقطع اثــداء النساء «بـاريـن كوباني» وقطع الرؤوس «بال حمو»، نعم فتحها حفيد فخري باشا، رجب طيب أردوغان بيد من ادعى الثورة والوطنية والدين من العرب العاربة. يـحـاول الحفيد العثماني الـيـوم إعــادة نفس السيناريو عبر الشمال السوري، مـن «عـفـريـن» تلك املـديـنـة الـتـي تقع فـي أقـصـى الـشـمـال الـغـربـي لـسـوريـة والتي مثلت طوال تاريخها املوزاييك امللون من الثقافات والتسامح الديني والقومي والسياسي كما موزاييك جغرافيتها التي تتشكل من الجبال واألنهار والفاكهة والزيتون التي تعتبر رمز السلم العاملي، دخلها التركي ومرتزقة إرهابيون ملهم من جميع بقاع العالم ليدمر عفرين وكـل جميل فيها سـرق بيوتها وأسواقها حتى هاجروا منها خوفًا من الجرائم املباحة إلى محيط عفرين، أكثر من 200 ألف نازح خارج عفرين اآلن والعودة ممنوعة ومن خالف املنع واسترق العودة مشيًا نصيبه إما القتل أو االغتصاب أو الزج في أقبيتهم التي ال تعرف الرحمة ولــم يكتف بـذلـك بـل أتــى ببقايا كتائب مـن مـئـات الكيلو مـتـرات بعد أن قبض ثمنهم ليسكن في بيوت أهل عفرين ويستوطنوا هناك، بينما أصحاب األرض ال يبتعدون مئات األمتار عن بيوتهم. ترى أين سيكون الفعل العثماني القادم في أي مدينة ومن سيكون املفعول به.