Okaz

يا مغلوث.. خطر الصف األول أصبح قائما !

- محمد الساعد * @massaaed m.assaaed@gmail.com

خالل األسبوع املاضي تم تداول مقال الكاتب عبدالله املغلوث «خــطــورة الـرجـل الـثـانـي» عبر وسـائـل الـتـواصـل االجتماعي بكثافة ملحوظة، بالتأكيد املـقـال كــان مـؤثـرًا والمــس عقول ووجـدان الكثيرين، وملن لم يطلع على املقال، فإن املغلوث نبه إلى أهمية إعــداد الصف الثاني مـن الـقـيـادا­ت فـي أي منشأة أو منظمة، مشيرًا إلى أن القادة الناجحني في العالم هم من قاموا بإعداد رجل ثان من بعدهم دون خوف أو شك أو تغييب، وإن من طواهم النسيان تعمدوا وضع أرباع وأعشار املوهوبني بجوارهم اعتقادًا أنهم بذلك يكتفون خطر إزاحتهم من مواقعهم، وهي حقيقة يتجاهلها كثير من األنانيني. املـقـال رائــع كما كاتبه املـغـلـوث، ووضــع بقلمه الـرشـيـق يــده على إحدى مشاكل اإلدارة التقليدية، خاصة عند حـدوث تغيير هائل يتطلب إعادة الهيكلة وتطوير املنظمات، الطريف أن املقال وصلني من أصدقاء ورؤساء سـابـقــني، الـكـثـيـر منهم مـمـن كــان يعطي مــن حــولــه أكـتـافــًا ولـكـمـات ألنه توجس من وقوفهم بجواره، أو كان يقدم الضعفاء وفاقدي املوهبة على حساب األكفاء. دعني يا عبدالله أضيف إلى مقالك شيئًا من معاناة الصف الثاني، خاصة مواليد السبعينات امليالدية، فهم إضافة إلى تهميشهم مع سبق اإلصرار والترصد لسنوات طويلة بسبب خوف الصف األول منهم، إال أنه وعندما غـادر الصف األول مقاعده نتيجة الزمن وجـاء موعد الحصاد، فوجئوا بـأن فكرة تقديم الشباب للمناصب قد نضجت، وهـي فكرة ليست سيئة بل كانوا أكثر من طالب بها، إال أنه تم تجاوزهم والنظر إليهم كإداريني تقليديني ال يناسبون املرحلة على الـرغـم مـن سنهم املعقول ومواهبهم ومـهـاراتـ­هـم وخـبـراتـه­ـم املـتـراكـ­مـة، فـــإذا بـهـم وقــد ســرق زمـانـهـم وتفرقت أحوالهم وتالشت فرصهم، فال هم الذين أخذوا حظهم سابقًا وال هم الذين يحصدون نتائج جهدهم وعملهم ومعاناتهم وتحملهم، في وقت كانت الفرص محدودة وإمكانات النجاح معدومة. يـبـدو أن مقاييس اإلدارة تغيرت تمامًا فــي زمــن طـفـرة «السوشليون»، فعندما كانت تبحث إحـدى املنظمات عن مستشار أو قائد، يتولى بناء إستراتيجيا­تها ويعيد تنظيم أعمالها ويعطي ما لديه من مهارات اإلدارة، كانت أعينها تذهب ملن عركوا املهنة ونضجوا في أرجائها، ولديهم رصيد مكتوب وشبكات عالقات ممتدة تشفع لهم، بينما يتم البحث اليوم عن مشاهير السوشل ممن لديهم أعداد كبيرة من الفلورز فقط ال غير. لم يعد مطلوبًا أن يكون لديهم مهارات العمل املؤسسي وال اإلدارة وال حتى العالقات، يمكنك أن تحصل على وظيفة مرموقة وقيادية وبدخول مـرتـفـعـة جـــدًا بــنــاء عـلـى رصــيــدك الـــذي بنيته فــي هـــواء تــويــتــ­ر، وحجم التصدر وما ترسله في البريد، غريب كيف أصبحت تغريدات من هواء ال قواعد معرفية راسخة لها تمنح من ال قيمة له «قيمة». السؤال املهم.. هل سيقوم الشباب الذين تسابقت إليهم املناصب اإلدارية بنفس األخطاء السابقة ويزيحون من بقي من جيل املوهوبني واإلداريني املحترفني، نصيحتي لهم أن ال يفعلوها ألنهم سيفقدون املعرفة، وهي على فكرة تختلف تمامًا عن التعلم، وأقــول لهم ما قاله املغلوث.. قوتك تكمن فــي وجــود قــيــادات تـسـانـدك، تمهد لــك الـطـريـق للتفوق والنجاح والتحليق. ال تخف يا صديقي من وجود شخص قوي بجوارك، لكن اخش من عدم وجوده. اصعد باآلخرين تصعد. مكنهم تتمكن. أمــا أحبتنا مــن جـيـل السبعينات وربــمــا مــن منتصف الـسـتـيـن­ـات ممن بقي فـي زوايــا املنظمات والـــوزار­ات والهيئات، ممن تعلموا بجهودهم الذاتية وأسر محدودة الدخل واإلمكانات بال فرص لالبتعاث وال للتعليم األجنبي.. قوتكم في مهاراتكم التي تمتلكونها وفي رصيدكم املعرفي الهائل الذي تختزنونه في عقولكم وصدوركم، يكفيكم أنكم «السر» املخلص الذي عبر عليه الوطن إلى أن وصل إلى ما وصل إليه اليوم من مكانة مرموقة.

* إعالمي وكاتب سعودي

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia