Okaz

قمة القدس.. وأصوات الرجس

- عبدالرحمن الطريري * ‪Twitter: @aAltrairi‬ ‪Email: me@aaltrairi.com‬

عندما وصل الرئيس ترمب إلى اململكة، كأول محطة خارجية في أمر غير معتاد من زعيم أهم دولـة في العالم، دفع هذا األمـر الكارهني من العرب قبل غيرهم لألسف، الختصار الزيارة في مبلغ الصفقات، رغم أن واحدهم ال يستطيع ذكر 3 من االتفاقيات. ومــن يريد التشويه للتشويه، لـن يسعى لفهم التفاصيل، ومعرفة تنوع الصفقات بني مجاالت علمية وبحثية، وسعيًا لتوطني التقنية في عدة ملفات، وحتى إذا مرت السنوات وبدأت املشاريع ترى النور فلن يغير من نظرتهم شيئًا، لكن ستكون الحقائق أصدق. أذكــر حينها أن بعض مـن عــدوا أنفسهم وكــالء على املــال الـسـعـودي، قـالـوا إن هذه الصفقات لو دفع مبلغها للعالم العربي، لساهم في تنميته ورخائه، وفي قول مضحك آخر، قيل «لو دفع هذا املبلغ لفلسطني لتم تحريرها». والبديهية األولـى أن الشعب السعودي أوال يريد تنمية وطنه وحفظ أمنه، ثم يأتي واجبه الذي لم يتأخر عنه يومًا في مساعدة أشقائه، ولعله من الجيد التذكير بحملة «ادفع رياال تنقذ عربيًا»، والتي كان يقدم من خاللها الطلبة املال أمال في تحقيق حل عادل لقضية فلسطني. وهذا بال شك سار بالتوازي مع جهود سياسية من اململكة عبر التاريخ، فامللك فيصل أقنع الفرنسيني بالحياد وإيقاف بيع السالح لإلسرائيلي­ني، وامللك فهد وامللك عبدالله قدما مقترحني للسالم إلى الجامعة العربية، حني كانا وليني للعهد في 1981 وفي ،2002 لكن السالم يفسد تجارة الكثير من الحناجر واملنابر. ومن سخرية القدر ما سمعته من صديق صحفي من أوروبــا الشرقية، زار عدة مدن فلسطينية الــعــام املــاضــي، يــقــول إن الفلسطينين­ي ال يـمـلـكـون مـشـاعـر طـيـبـة تجاه السعوديني، وعندما استفسر عن السبب، قالوا له ألن السعودية تدعم قياداتنا لتبقى في مناصبها. وهــذا يعيدنا مباشرة إلــى النقطة البديهية وهــي تقييم اآلخـريـن لقوة السعودية، فحينًا تكون من القوة لفعل كل املستحيالت في الكون، حني يـراد لها أن تجلس في مقعد املسؤول عن أمر سيئ، وأحيانًا تكون من الوهن بحيث ال تستطيع قتل بعوضة، حني يكون الهدف التقليل من قوتها. األمـر اآلخـر وهو التفريق بني الصوت العالي والصوت الحقيقي للشعوب العربية، حيث املحب واملقدر لـدور اململكة ال يحتاج للحديث كثيرًا ألنه بال أجندة سياسية، كذلك من الطبيعي أن تكون أصــوات املوالني لحركة حماس اإلخوانية والقريبة من إيران، من الناقدين للمملكة، ذلك ألن اململكة هي السد املنيع التي تصدت للمشاريع اإليرانية في البحرين واليمن، وملشروع اإلخوان املسلمني في مصر، وهو ما انعكس بالضرورة على تونس وفلسطني. واململكة إذ تعلو األصوات أو تخفت حول مواقفها، تدرك أن هذه األصوات إنما تحاول في حقيقة األمر أن تدفعها لإلحجام عن دعم قضية فلسطني، وهذا أمر متعذر ألنها قضية متجذرة في وجدان كل فرد من الشعب السعودي. ولهذا أعلن امللك سلمان حفظه الله تبرع اململكة بقيمة 200 مليون دوالر، 150 مليون دوالر منها لبرنامج دعـم األوقــاف اإلسالمية في القدس، و05 مليون دوالر لوكالة األمم املتحدة إلغاثة وتشغيل الالجئني الفلسطينين­ي في الشرق األدنى (األونوروا). جاء هذا الدعم من اململكة في القمة العربية التي استضافتها الظهران، وقرر خادم الحرمني الشريفني تسميتها «قمة القدس»، والتسمية باإلضافة إلى الدعم املقدم، لهي رسالة سياسية مهمة لإلدارة األمريكية، أن السعودية تحشد موقف العالم العربي ضد القرار الذي يهدف لنقل السفارة األمريكية إلى القدس. كما أن التوقيت له رمزية أخرى، إذ يأتي املوقف السعودي بعد نهاية جولة سمو ولي العهد إلـى الـواليـات املتحدة، والتي شهدت أيضا عـدة صفقات مع شركات أمريكية ومؤسسات علمية، مما يعني أن اململكة تنمي مصالحها دون أن يؤثر ذلك في ثوابتها وال في مواقفها الراسخة من القضايا العربية. * إعالمي وكاتب سعودي

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia