Okaz

سعوديات .. ودمى بالستيكية!

- * إعالمية وكاتبة سعودية

في أحد األيام كنت أرتشف القهوة في إحدى املقاهي اللندنية العريقة التي يرتادها بعض املشاهير وغيرهم على مدار العام، وكنت كغيري أقضي وقتًا في القراءة والتأمل ومالحظة حركة الناس أمام املقهى، وفـجـأة رأيــت وجــه فتاة أعرفها، تشابه فـي مالمحها إحــدى نجمات التلفزيون فأشرت لها بيدي من أجل أن نجلس سوية! حقًا، في تلك اللحظة لم يخطر في بالي أنني كنت مخطئة، وأن من أدعوها لم تكن تلك الفتاة التي أعرفها وتعرفني. كانت تشبهها بشكل ال يصدق! تذكرت حينها أن مالمح تلك الفتاة التي أعرفها هي نتاج مجموعة مـن عمليات التجميل، أو مـا يمكن تسميته بـ«التقبيح»، ألنــه على ما يبدو أن بعض مقاييس أخصائيي التجميل واحـدة وغالبية من يخضعن لتلك العمليات يصبحن متشابهات املالمح! ما يقوم به حاليًا بعض النساء ليس ضرورة وحاجة ماسة، بل هوس ولهث وراء تقليد النجمات للحصول على «نيولوك» لتصبح نسخة مكررة من امرأة أخرى، خضعت لعشرات العمليات التجميلية. وفـي السنوات األخـيـرة، انتشر في بعض الــدول، ومنها بـالد عربية، إقـــبـــا­ل الــنــســ­اء عــلــى جـــراحـــ­ة تــجــمــي­ــل، تــجــعــل املــــــر­أة تــشــبــه - الدمى البالستيكي­ة، ما يجعل منها أضحوكة بدال من أن تصبح جميلة في عيون اآلخرين. واألدهى واألمر أن هناك من النساء من تذهب لطبيب تجميل وتحدد ما تريده من مالمح لتصبح شبيهة إلحدى نجمات السينما أو الفن، وكأنها تتصفح «كاتالوج» مالمح، إذ تختار أنف فنانة وفك ممثلة وشفاه مذيعة ما! فعلى سبيل املــثــال فــي األفــــال­م واملـسـلـس­ـالت الـقـديـمـ­ة كــانــت الوجوه جميلة ومميزة باختالفها عن بعضها، وكل منها له هوية ال تشابه األخرى، وليست متشابهة كما يحدث اليوم! تفيد آخــر اإلحـصـائـ­يـات املـقـدمـة مـن قبل الجمعية الـدولـيـة لجراحة التجميل ،ISAPS أن في عام 2016 سجلت السعودية 95 ألف عملية تجميل من أصل 12 مليون عملية من هذا النوع على مستوى العالم، وبذلك هي األولى عربيًا والثالثة عامليًا من حيث عدد تلك الجراحات. الــســؤال، مــن وضــع تـلـك املـقـايـي­ـس وحـــدد تـلـك املـعـايـي­ـر لـلـجـمـال؟ أين ذهبت الهوية واملالمح وفروقات الوجوه؟ من أدخل تلك الثقافة وروج لها، وساهم في انتشارها؟ كيف تتقبل املرأة تحويل شكلها ومالمحها الطبيعية إلى مصطنعة؟ شـخـصـيـًا، لـسـت ضــد عـمـلـيـات الـتـجـمـي­ـل فــي حـــال وجـــود تشوهات خلقية جراء حادثة أو غيرها، أو حتى برغبة املرأة في التجمل الذي ال يغير املالمح والهوية ويحولها من امرأة طبيعية إلى بالستيكية! لكن على النساء أن يتذكرن أن بعض الـعـالمـا­ت الــبــارز­ة فـي الوجه تمنح املرأة هوية تميزها عن غيرها وتميز كل وجه عن اآلخر حتى لـو كــان سنًا مـائـال أو ابتسامة مائلة أو حاجبًا يختلف عـن اآلخر، وإن لتلك العمليات أضــرارًا ستظهر بعد مــرور الزمن مهما حاولت تغيير الحقيقة!

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia