Okaz

الشيخ الطنطاوي وعبث الصبية يا معالي الوزير!

- علي محمد الرابغي * alialrabgh­i9@gmail.com * كاتب سعودي

لـــم يــكــن هــــذا املـــقـــ­ال يــخــطــر عــلــى بـــالـــي.. ولكن الــوضــع الـــذي ساقني إلــى هــذا املــقــال هــو عبث تـلـك الـصـبـيـة مــن طفيليات اإلعـــــا­م.. وحــتــى ال تطغى هذه املقدمة على صلب املوضوع فإني كنت قبل أشهر فــى إسـطـنـبـو­ل بـتـركـيـا.. تلقيت مـكـاملـة هـاتـفـيـة مــن إحداهن وقدمت لي نفسها بأنها مقدمة برنامج فى إحــدى القنوات الخاصة (تجارية).. وقالت لقد زكاك األستاذ (فان الفاني) لكي تتحدث بهذه الحلقة عن الشيخ علي الطنطاوي.. قلت لها خيرا إن شاء الله.. وعندما عدت إلى جدة تلقيت اتصاال آخـــر مـنـهـا حــــددت مــعــي املــوعــد وطــلــبــ­ت إرســــال املــوقــع وقد كان.. ومضى األحد (املوعد) واالثنني فى أعقابه ولكن شيئا لـم يـحـدث.. ولكني فـى مجال اإلعـــداد لهذا البرنامج أجريت اتصاال هاتفيا بالصديق الدكتور سميح الخضرا ملعرفتي بأنه كـان صديقا للشيخ.. ونصحني باالتصال باالبن عاء حتاحت الشيخ حفيد الشيخ علي والــذي كـان على مستوى املسؤولية متجاوبا وخصني بهذا الكم من املعلومات. ولــد الـشـيـخ عـلـي مصطفى الـطـنـطـا­وي عــام ۹۰۹۱م بمدينة دمشق لعائلة يعود نسبها إلى طنطا التي هاجر جده منها إلى دمشق. والده الشيخ مصطفى الطنطاوي كان أمني الفتوى بدمشق وتوفي بمرحلة مبكرة من حياته وعمر الشيخ علي 6۱ سنة فقط مما وضع عليه أعباء القيام بأسرته -وهو أكبر إخوته الخمسة- بمرحلة مبكرة من عمره. جمع في دراسته بني طريقتي الكتاتيب في املساجد واملدارس الـنـظـامـ­يـة. أتـــم دراســتــه الــثــانـ­ـويــة عـــام ۸۲۹۱م، والجامعية (بعد أن قضى سنة واحــدة في القاهرة بــدار العلوم العليا) عــام ۳۳۹۱م مـن جامعة دمشق بحصوله على ليسانس في الحقوق. عمل في الصحافة وفي التعليم وفي القضاء خال فترة ما بـعـد تـخـرجـه وحــتــى هـجـرتـه لـلـسـعـود­يـة (مــن 1933 وحتى ..)م1963 قضى أغلبها فـي دمشق ولكنه تنقل بينها وبني بـغـداد وبــيــروت والــقــاه­ــرة.. حسب مـا اقتضته عليه ظروفه، وروى في كتابه «الذكريات» الكثير من القصص والعبر التي مرت عليه بهذه السنوات الخصبة من حياته. كما قضى هذه السنني بتأليف أغلب أعماله واملشاركة في الصحف املختلفة وكـذلـك اإلذاعـــة الـتـي أذاع منها مـن مـراحـل مبكرة مـن عمره بإذاعة الشرق األدنـى من يافا ثم إذاعـة بغداد وإذاعــة دمشق أخيرًا ملدة طويلة. انتقل رحمه الله إلى السعودية عام ۳6۹۱م، وحمل جنسيتها من العام 6۷۹۱م.. قدم أوال إلى الرياض مدرسًا في الكليات واملعاهد التي أصبحت الحقًا جامعة اإلمام سعود اإلسامية، ثم حقق رغبته باالنتقال إلى مكة املكرمة في السنة التالية، مدرسًا في كلية التربية بمكة، ثم كلف بتنفيذ برنامج للتوعية اإلسامية على مستوى كليات وجامعات اململكة املختلفة. سكن في مكة ردحـًا طويا من الزمن بأجياد مجاورًا للحرم املكي، فكان بيته مزارًا للعلماء والدعاة من كافة أنحاء األمة حني يأتون لزيارة الحرم، ثم انتقل في منتصف الثمانينات إلى العزيزية بمكة، وبعدها بسنوات إلى جدة ليكون أقرب إلى بناته في كبره. اشــتــهــ­ر خــــال ســـنـــوا­ت وجــــــود­ه بــمــكــة بـــظـــهـ­ــوره اإلعامي، فـكـان لــه بـرنـامـجـ­ان عـلـى الـتـلـفـا­ز (أو الــرائــي كـمـا كــان يحب أن يسميه).. بـرنـامـج أسـبـوعـي كـل يــوم جمعة عـنـوانـه «نور وهـــدايــ­ـة»، وبــرنــام­ــج ذائــــع الــصــيــ­ت يــــذاع كــل رمــضــان اسمه «عـــلـــى مـــائـــد­ة اإلفـــــط­ـــــار».. حــقــق خــالــهــ­مــا انـــتـــش­ـــارًا هائا.. كذلك كانت لـه مـشـاركـات صحفية ال تنقطع، بـاإلضـافـ­ة إلى بـرنـامـج إذاعـــي بمسمى «مـسـائـل ومــشــكــ­ات».. وألـــف رحمه الـلـه الـعـديـد مـن املـؤلـفـا­ت بمواضيع مختلفة، منها األدبية «كقصص مـن الحياة» و«قـصـص مـن الـتـاريـخ» و«رجـــال من الــتــاري­ــخ» و«وصـــور وخــواطــر»، ومنها اإلسـامـيـ­ة مثل «في سبيل اإلصـــاح» و«الــفــتــ­اوى» وكـتـابـه األشـهـر «تـعـريـف عام بدين اإلســام». كذلك له مؤلفات في السيرة الذاتية أشهرها «الذكريات» الذي نشر على حلقات في صحيفة املسلمون ثم صحيفة الشرق األوسط قبل أن تجمع بثمانية مجلدات، كذلك كتابه «من نفحات الحرم» و«بغداد»، وغيرها. توفي رحمه الله عام ۹۹۹۱م بجدة بمستشفى امللك فهد.. قبل أن ينقل جثمانه إلى مكة ليصلى عليه بالحرم املكي ويدفن بمقابر العدل بمكة.. وترك الشيخ علي زوجته وبناته األربع بعد استشهاد الخامسة عــام ۱۸۹۱م بـآخـن أملـانـيـا على يد عناصر من النظام السوري البعثي، وهي الحادثة التي أثرت على نفسية الشيخ حتى مماته بسبب حبه الشديد وتعلقه ببناته جميعًا. وللحديث بقية وحسبي الله ونعم الوكيل.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia