Okaz

ملاذا األردن؟

-

من وقت هتلر إلى وقت حمد بن جاسم، ما الذي يجعل السياسي يتمادى في الكذب، وما الذي يمنحه الثقة أن هناك من سيصدق متسلسلة الــكــذب الـتـي ينطق بـهـا، إنــه سـحـر الــتــكــ­رار كـمـا قال جوزيف غوبلز مسؤول الدعاية السياسية «البروباغند­ا» في عصر هتلر، أو بلغة عصرنا الحاضر وزير اإلعام، وقاعدة غوبلر في ذلك «كرر الكذبة كثيرًا بما يكفي وستصبح هي الحقيقة». وألن قضية فلسطني هي القضية املركزية للعرب واملسلمني، فقد كانت فرصة لـلـمـزايـ­دة مــن أنظمة شمولية عـربـيـة، رأت أن الخطب حــول فلسطني تغني شعوبهم عن الخبز والحرية، ومن أنظمة إقليمية غير عربية، رأت قي قضية فلسطني بوابة ملجد تليد، وحلم استعادة خافة بائدة. والحديث عن إيران وتركيا وطموحاتهما اإلقليمية مهم أيضا لفهم السياسة القطرية، ولفهم الكذب املستمر من األدوات اإلعامية حول قضية فلسطني، فمثا قطر لديها عاقات متينة مع الكيان اإلسرائيلي، ولديها مكتب تمثيل تــجــاري منذ أكـثـر مــن عقدين فــي الــدوحــة، وزار قناتها اإلخــبــا­ريــة إسحاق رابني. بينما هــذه القناة تتناول باللوم النظام املـصـري والـنـظـام األردنـــي أيضا، حول كل انتهاك إسرائيلي لحقوق الفلسطينين­ي، رغم أن األردن ومصر دول مواجهة وخاضت حربا ولديها املبرر لتوقيع اتفاقية سام، ولكن ما الدافع لشبة جزيرة ال يحدها بـرا إال السعودية وبحرا الخليج العربي، أن تسعى لتطبيع عاقاتها مع إسرائيل، إال ما قاله حمد بن جاسم يوما من أن التقارب مع إسرائيل يسمح لنا بالتعاون مع اللوبي اإلسرائيلي في واشنطن، للضغط على السعودية. من جانب آخر، تهدف الجزيرة من خال أحداث فلسطني، لتجسيد أردوغان كبطل منقذ، عبر تغطية واسعة النسحابه من جلسة في دافــوس في العام 2009 والتي كان يشاركه فيها الرئيس اإلسرائيلي شيمون بيريز، وطبعا ال يسأل أحـد ملــاذا شــارك الرئيس اإلسرائيلي فـي نــدوة مـن األســاس إذا كان ضد املمارسات اإلسرائيلي­ة، بينما ال يتذكر أحد مئات املشاركات الرياضية التي انسحبت منها السعودية ومصر وغيرهما بمجرد أن الاعب املنافس إسرائيلي. بـل يتعدى األمــر إلــى نسيان سبب انسحاب أردوغـــان مـن الجلسة، وهــو أن املــحــاو­ر منحه دقيقة للتعليق وهــو مــا اعـتـبـره زمـنـا قـصـيـرا، وغضبه من تصفيق الـجـمـهـو­ر بـعـد كـلـمـة الــرئــيـ­ـس اإلســرائـ­ـيــلــي، لـكـن فــي كــل املـشـهـد ال يوجد موقف عـاد باملنفعة على القضية الفلسطينية أو حتى على الشعب الفلسطيني. وفي العام 2010 حني سيرت تركيا سفينة مرمرة لكسر الحصار عن غزة، قتلت إسرائيل عشرة أتراك على منت السفينة بدم بارد، ولم تتحرك تركيا عسكريا وهي الجيش القوي وأحد أهم الجيوش في الناتو، واكتفت بتعويض يقدر بعشرين مليون دوالر في 2016 عن جميع املقتولني، بل وصــادق البرملان التركي حينها على قانون ينص على: «االتفاقية تعفي إسرائيل ومواطنيها من كافة أشكال املسؤولية حيال طلب أشخاص عاديني أو اعتباريني، باسم الجمهورية التركية، محاكمتها قانونيا فـي تركيا، بشكل مباشر أو غير مباشر، بخصوص حادثة سفينة ما في مرمرة». وختاما كانت الخطب العصماء من لدن أردوغان حول قرار ترمب نقل السفارة إلــى الــقــدس، وسـحـب السفير الـتـركـي فـي أمـريـكـا ثــم إعــادتــه بعد أسبوعني، واألكثر سخرية تصريح سحب السفير التركي في تل أبيب لبعض الوقت، وربما قصدوا أنه بعض الوقت الكافي لصناعة الوهم. هذا السرد للتعاطي اإلعامي القطري والـذي يمثل أيضا األجندة اإليرانية والتركية وهي أجندة اإلخوان املسلمني ضمنا، يدفعنا للمقاربة حول التناول اإلعامي القطري مع االحتجاجات األخيرة في األردن، فمن ناحية يتم تناولها على أنها ذات مطالب سياسية، سعيا لتمكني اإلخوان في األردن، بما يشبه ما حاول اإلخوان ممارسته في ،2011 وما عادوا ملمارسته في 2013 إبان حكم اإلخوان املسلمني في مصر، حيث عرض إخوان األردن الوساطة عند إخوان مصر، حني كانت تقطع إمدادت الغاز املصري عن األردن أسبوعيا. وألن الـــواضــ­ـح لـــدى أغــلــب املـتـلـقـ­ني أن األزمـــــ­ة األردنـــي­ـــة هــي بـشـكـل رئيسي اقتصادية، فقد حاول اإلعـام القطري أن يقول إن دوال عربية ضغطت على األردن اقتصاديا للقبول بما يسمى صفقة القرن، لكن مجددا ال يسأل العقل العربي، وملاذا لم تنتفض قطر لدعم األردن اقتصاديا وتوفر من األموال التي تصرفها على تكاسي لندن وجدران نيويورك، وتحمي األردن من الخضوع لصفقة القرن؟ بل ملاذا حني اتفقت الكويت واإلمارات والسعودية وقطر في 2011 وأقرت دعم األردن بخمسة مليارات دوالر، دعمت الدول الثاث األردن بالفعل وامتنعت قطر عن الدفع، وحولت املبلغ لتونس عوضًا عن األردن! باألمس قمة يعقدها خادم الحرمني في قبلة املسلمني مكة املكرمة، ستقف من خالها السعودية واإلمــارا­ت والكويت مع األردن، وسيبقى اإلعـام القطري يروج الوهم.. ولكن كما قال مارك توين «يستطيع الكذب أن يدور حول األرض في انتظار أن تلبس الحقيقة حذاءها».

 ??  ?? عبدالرحمن الطريري ‪Twitter: @aAltrairi‬ ‪Email: me@aaltrairi.com‬
عبدالرحمن الطريري ‪Twitter: @aAltrairi‬ ‪Email: me@aaltrairi.com‬

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia