Okaz

توصية الشورى لها أساس في الشرع

-

ذكـــرت «عــكــاظ» أن أعــضــاء شـــورى يطالبون بضرورة تمكني املرأة من الوظائف القضائية لـــكـــل مــــن حــصــلــت عـــلـــى الـــتـــأ­هـــيـــل الشرعي والــقــان­ــونــي، وهـــذه املـطـالـب­ـة لـهـا أســـاس شــرعــي فــي بعض املــذاهــ­ب وبــالــذا­ت مـذهـب أبــو حنيفة الــذي أجــاز للمرأة أن تتولى وظيفة القضاء من غير الحدود والقصاص (خاصة مع إنشاء محاكم األحوال الشخصية وزيادة مشاكل الطالق ومــا يـتـرتـب عليه مـن مشاكل تتعلق بـــاألوال­د والحضانة واملصاريف والسكن والنفقة والعدة وجرائم األحـداث مما تـفـهـمـه املــــرأة ويــعــجــ­ز عــنــه الـــرجـــ­ل). وقـــد ذهـــب ابـــن جرير والــطــبـ­ـري إلـــى أبــعــد مــن ذلـــك فــقــالــ­وا بــتــولــ­ي املــــرأة وظيفة القضاء مطلقًا وبكل درجـاتـه وأنـواعـه دون قيد وحجتهم في ذلـك أن وظيفة القضاء مثل وظيفة اإلفـتـاء، واإلفـتـاء ال يـشـتـرط لــه الــذكــور­ة فـكـذلـك الـقـضـاء، (الــبــدائ­ــع) للكاساني ،)4/7( والبن حزم رأي آخر بتولي املرأة حتى رئاسة الدولة، (املحلى). فـــاملـــ­رأة وقـــد انــخــرطـ­ـت فـــي الـعـمـلـي­ـة الـتـعـلـي­ـمـيـة ولـــم يعد لطموحها سقف معني كما أنها ليست بالكائن الضعيف الــذي تعيقه بعض وظائفه الفسيولوجي­ة والطبيعية عن أداء مهمة القضاء. فالقاضي أيـًا كـان حـني يحكم ال بـد أن يكون في أفضل حاالته.. وقد أثبت العلم أن الرجل ينتابه ما ينتاب املــرأة من تغيرات فسيولوجية شهرية تغير في مزاجه وطريقة حياته، وقد حذرنا رسـول الله أن القاضي ال يجب أن يحكم وقت جوعه أو طفشه أو غضبه فأصبحت مسألة القضاء ليست أنوثة أو ذكورة وإنما قدرات ومواهب فهي ال تخضع للمزاج والـــرأي وحكم الــعــادا­ت والتقاليد، يـقـول نـبـي الـخـيـر «إن الـلـه يـحـب الـعـبـد املــؤمــن املحترف» واملرأة والرجل هم عبيد لله من احترف منهم القضاء تواله، وقـد اعتبر الخليفة عمر أن شـهـادة النساء وحـدهـن تكفي ومقدمة على شهادة الرجال في شؤون املرأة الخاصة مثل الحيض والنفاس والـرضـاع والحمل، وقـد أيـد أبـو حنيفة رأي ابـن حـزم أنـه يمكن للمرأة تولي رئاسة الـدولـة، وهذه

ّّ الحقيقة تتجلى واضحة في وقتنا الحاضر بعد أن تغير شكل الـدولـة ولــم يعد على الحاكم أو رئيس الـدولـة تولي قـيـادة الـجـيـوش وإمــامــة الـصـالة بـل أصـبـح ذلــك مـن مهمة القادة ورجال الدين من أهل الخبرة والدراية، وليس هناك نص شرعي يمنع املرأة من تولي أغلب وظائف الدولة وقد تــولــت الــســمــ­راء والــشــفـ­ـاء حـسـبـة األســــوا­ق فــي عـهـد النبوة والــخــال­فــة، والــحــسـ­ـبــة مــرتــبــ­ة مــن مــراتــب الــقــضــ­اء وإحدى الواليات العامة. لـــقـــد ســــــاوى الــــقـــ­ـرآن الـــكـــر­يـــم بــــني الــــذكــ­ــر واألنــــث­ــــى بقوله {واملــؤمــ­نـون واملـؤمـنـ­ات بعضهم أولـيـاء بـعـض..}، والقرآن لـم يختص بتكاليفه وواجـبـاتـ­ه الـذكـر دون األنـثـى بـل هم يعيشون في إطار واحد داخل قوله تعالى {من عمل صالحًا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن..}، مشترطًا الحق اإليمان وليس الذكورة واألنوثة مقررين علماء األصـول والفقه أن كل من يصح منه أداء الشهادة ولو في موضع دون موضع يصح منه القضاء في املوضع الذي تصح شهادته فيه، وذلك ألن كل من الشهادة والقضاء من باب الوالية، والشهادة أقوى مــن الـقـضـاء ألنـهـا ملزمة للقاضي ملزمة للخصم، فحكم القضاء مستقى من حكم الشهادة ومن هنا يقول ابن جرير ال تشترط الذكورة في القضاء. كما أن هناك قوال لحماد بن سلمة أنه يجوز للمرأة أن تكون قاضية في الحدود متفقًا مع عطاء التابعي. يقول ابـن قدامة في (املغني) إن كل من صح تصرفه في شيء بنفسه وكان هذا الشيء مما تدخله النيابة صـح أن يوكل فيه غيره وأن يكون وكـيـال فيه عن غيره رجال كان أم امرأة. فليس هناك ما يمنع بأن تكون املرأة مأذونة أنكحة وعقود فليس الذكورة شرطًا في ذلك. أخرج أبو داود أن النبي قال لــرجــل: «أتــرضــى أن أزوجــــك فــالنــة» قــال نـعـم، وقـــال للمرأة: «أترضني أن أزوجك فالنًا» قالت نعم، فزوج أحدهما صاحبه، (نــيــل األوطـــــ­ار)، الـشـوكـان­ـي .)132/6( وفــي (املــغــنـ­ـي) البن قدامة عن أحمد أن لها تزويج ابنتها وهذا يدل على صحة عـبـاراتـه­ـا فــي الـنـكـاح فلها تــزويــج نفسها وتــزويــج غيرها بالوكالة، وفي (فتح القدير) )391/2( عن أبو حنيفة تجوز مباشرة البالغة العاقلة عقد نكاحها ونكاح غيرها مطلقًا، وقد اشترطت املذاهب الفقهية أن يكون العاقد بالغًا عاقال وأن يـكـون ذا واليــة على إنـشـاء عقد النكاح ولــم يشترطوا الــذكــور­ة أو األنــوثــ­ة فـي الـعـاقـد، وقــد عــرف الفقهاء الوالية بأنها قـدرة الشخص شرعًا على إنشاء التصرف الصحيح النافذ على نفسه أو ماله أو على نفس الغير وماله. فقد زوجــت عائشة حفصة بنت أخيها عبدالرحمن وهو غائب في الشام وملا رجع قال لها ما كنت ألرد أمرًا قضيته فـــقـــرت حـفـصـة عــنــد املـــنـــ­ذر. وعـــن نــافــع قـــال ولــــى عــمــر بن الخطاب ابنته حفصة ماله وبناته ونكاحهن. فال خالف في أن املرأة البالغة لها أن تتصّرف في مالها بكافة التصّرفات املالية مـن بيع وشـــراء ورهــن وإيــجــار فيكون لها كـذلـك أن تتصرف في نفسها بالزواج وتنشئ العقد مباشرة. فيجوز للمرأة بــأن تـكـون مــأذونــة تعقد األنكحة ألن عمل املأذون متفرع من القضاء، وكتب الفقه تطفح باألدلة التي تجيز للمرأة تولي القضاء واإلفتاء ومأذونة تعقد األنكحة. خــاصــة أن املــــرأة أصـبـحـت تـشـغـل مـقـاعـد كـلـيـات الشريعة والحقوق والقانون.

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia