إيران وذيل الأسد
هــدد الـرئـيـس الإيــرانــي روحــانــي الــولايــات المتحدة والـرئـيـس الأمـريـكـي دونـالـد تـرامـب بـقـولـه: إيــاك أن تدوس على ذيل الأسد، في إسقاط سياسي واستعارة بـلاغـيـة مــن الأمــثــال الـشـعـبـيـة بـعـد أن هــدد بإغلاق مضيق هـرمـز أمــام المـلاحـة الـدولـيـة بـأن لا نفط يـصـدر مـن المنطقة إذا ما توقفت صـادرات النفط الإيراني، وأثنى على تلك التهديدات المـرشـد الأعـلـى خـامـنـئـي، ومــن قبلهم أبـــرق قـائـد الـحـرس الثوري لرئيس الجمهورية بأننا جاهزون لتنفيذ تهديداتك عندما تأمرنا بذلك؟ إن هـذا السيل المتدفق مـن أشـكـال التهديد مـن المسؤولن فـي إيران يعكس، في واقع الحال، مستوى مرتفعا من القلق المتزايد مع اقتراب مواعيد تنفيذ أقسى عقوبات اقتصادية أمريكية على حكم الملالي، كما وصفها وزير الخارجية الأمريكي. يستطيع المراقب للشأن الإيراني أن يعد هذه التهديدات جــزءا مـن الـبـروبـغـنـدا الإيـرانـيـة المـعـهـودة وانعكاسا لـحـالـتـي الـــخـــوف والاضــــطــــراب لـــقـــادة الــنــظــام بغية البحث والتفتيش عن أية صفقة جديدة للتفاوض في مكان مغلق تحفظ لهم ماء الوجه، حيث إنهم أدركوا بعقلية الـبـازار الإيـرانـي أن اتـجـاهـات الـريـح لا تسير لجانبهم، فساكن البيت الأبيض الآن ليس أوباما،الذي دللهم وأطلق لخيالهم المريض العنان وأعطاهم أكثر مما يحلمون وقـايـض توقفهم عـن التخصيب مؤقتا بـمـلـيـارات الـــــدولارات وصــل بعضها لـخـزائـن طهران مـعـبـأ فـــي أكـــيـــاس عــلــى مـــن الـــطـــائـــرات، ولـــذلـــك فهم المعممون الاتفاق النووي بأنه إشـارة خضراء للولوج إلى المنطقة بالسيطرة والهيمنة. إيران في عام 2018 مختلفة جدا وفي شهر نوفمبر القادم ستكون الحال أسوأ، وأول من يدرك هذه الحقيقة بالتأكيد هم أنفسهم قادة النظام، فالرئيس ترمب جاد في تنفيذ تعهداته ولا يتورع عن اتخاذ أي قـرار صعب، كما أن من يتابع تصريحات السيد بومبيو وزير الخارجية الأخيرة يقتنع بأن ريح الملالي لم تعد في مرحلة الهبوب ومــوســم الــجــدب والـقـحـط والــعــذاب آت سـريـعـا، ومــن يــراهــن على تهديدات وصراخ الملالي فهو واهم جدا، فهؤلاء قمة في البراغماتية والمصلحية ولن يفرطوا في حكمهم ومصالحهم، مهما كان الثمن حتى لو نزعوا كل أسلحتهم وصواريخهم الباليستية التي يهددون بها المنطقة ومصالح الغرب وبيننا الأيام. إيران لن تتجرأ على غلق مضيق هرمز، لأنها تحسبها بعقلية التاجر بـأنـه الانـتـحـار بعينه، ومــن ينتحر سيذهب إلــى الجحيم وحيدا، فهرمز خـط أحـمـر يتعلق بــإمــدادات الـعـالـم مـن الـطـاقـة وسيتوحد الـغـرب وأمـريـكـا لـلـرد على هــذا الـتـحـدي بـالـغ الـخـطـورة، وستكون إيران بلا شك عاجزة عن مواجهة العالم أجمع، ورغم هناك من ينفخ في طبل إيران الأجوف بأنها ستنفذ تهديداتها وتطلق الصواريخ وتحرك حرسها الثوري، فهذا كله هـراء من الناحية الإستراتيجية والتكتيكية، فإيران دولة بلا سلاح طيران ولا مدفعية ولا غواصات حـقـيـقـيـة ولا تـرتـكـز إلا لـسـلاح الــصــواريــخ وهـــذا سـيـتـم معالجته بتكنولوجيا الغرب المذهلة، ولنا مثل قريب من حرب الخليج الأولى فـقـد شـلـت تكنولوجيا الأمـريـكـان مـنـظـومـات صواريخ سام 7 العراقية الروسية ولم تنطلق سوى أمتار، وحتى لـو فـرضـنـا جــدلا أنـهـا نـفـذت تـهـديـداتـهـا فـي استعمال الصواريخ بعيدة المدى فهي لن يكون حالها أفضل من صواريخ وكيلهم الحصري في اليمن عبدالملك الحوثي. إيران في مأزق حقيقي وشارعها الداخلي محبط ويائس من شعارات النظام ودعايته وساحاتها الأخرى موحلة وليست بأفضل حال، فالحوثي مدمى في اليمن، وسورية الإيـرانـيـة تـحـولـت بـالـنـقـاط إلــى مـيـدان روســي خالص، والعراق العربي البلد المجاور رغم ما قصدته إيـران من تحريكها للشارع الجنوبي والشيعي تحديدا، من أجل محاصرة حقول النفط وعرقلة تصديره، لكن العراقين كـانـوا أذكــى مـن ألاعيبها ودسـائـسـهـا فانتبهوا إلـى أن سبب معاناتهم الطويلة هي إيران نفسها، وليس غير عبر وكلائها من الأحزاب والميليشيات، فتضامن العراقيون شيبا وشبانا رجالا ونساء وهتفوا في تظاهراتهم المتصاعدة «إيـران برا برا»، وحرقوا صور الخميني وانقلب السحر على الساحر، ولبنان وحزب الله في معمعة وورطة كبيرة. نظام الملالي في وضع هش جدا، فلا هو الأسد الذي يزأر ولا يسمح لأحـد بمس ذيله، ولا حربهم ستكون أم المـعـارك على قـول روحاني، ولــطــالمــا أن جــيــرانــنــا الإيـــرانـــيـــن يـسـتـعـيـنـون بـأمـثـالـهـم مـــن عالم الـحـيـوانـات، كـمـا هـو حــال الـشـعـوب الأخــــرى، فــإن هـنـاك أيـضـاً مثلا شعبيا عراقيا يقول «إن الكلب الذي ينبح كثيرا لا يعض».