مع وقف التنفيذ: السعودي «كويس» في اخلارج

تواترت األنباء املفرحة والسعيدة عن املواطن السعودي املتحضر الـــــذي يـــرعـــى املــمــتــلــكــات الــعــامــة ويــعــتــنــي بــجــمــيــع املــــرافــــق التي يستخدمها فيتركها نظيفة ملن بعده. سمعنا مثلما سمع العالم كيف قـام الجمهور السعودي بتنظيف مدرجاتهم وكراسيهم التي استخدموها بعد نهاية إحدى املباريات في مسابقة كأس العالم بروسيا، وكان هذا السلوك مثار إعجابنا، وزاد في ذلك تداول الوكاالت الدولية للصور التي تجسد هذا الفعل. وقبل يومني انتشر خبر الكشافة السعوديني الذين قاموا بتنظيف إحدى البحيرات في هولندا. حيث ساهم املشاركون من الجوالة السعوديني بتنظيف البحيرة من كل الشوائب والنفايات القريبة منها، وذلك ضمن الخدمات املقدمة للمحافظة عـلـى الـبـيـئـة الطبيعية املــدرجــة فــي مــســارات برنامج املخيم، وقد لفت الكشافة السعوديون انتباه زوار ومرتادي البحيرة الذين شاركوهم في مهمتهم، مبدين إعجابهم بتفاني الجوالة في خدمة البيئة والطبيعة. وأخـلـص مـن هذين الخبرين إلــى نتيجة مهمة ومـفـرحـة، وهــي أن لدينا القابلية واالستعداد لنصبح «كويسني»، وأننا من باب أولى يجب أن نـمـارس هــذا الـسـلـوك الـحـضـاري واملـتـمـدن داخــل خريطة بالدنا كما نفعله عندما نكون خـارج الوطن، فنحن بالفعل نقود السيارة في الخارج بصورة «كويسة» وعلى نحو منضبط ومتقيد باألنظمة، كذلك نلتزم بتعليمات االمتناع عن التدخني في األماكن املــحــظــور فـيـهـا ذلــــك، ونــتــوقــف عـــن رمـــي أعـــقـــاب الــســجــايــر وعلب املشروبات وغيرها من خالل نافذة السيارة، وال نمارس االحتطاب الجائر وال نترك فضالتنا وبقايا مأكوالتنا في الحدائق العامة. كنت أحسب - مخطئًا - أن الحضارة عندنا مصنوعة وأنــه قـد تم استيرادها بـاملـال وزرعـهـا قسرًا فـي أراضينا على النحو الــذي لم يسمح للكثير منا أن يتعايشوا مع مقتضيات هذه البيئة الجديدة ومتطلباتها، التي تجعل اإلنسان شريكًا فاعال ومتفاعال مع املرافق والخدمات العامة، والتي هي حق للجميع بما ينفي ويطرد فكرة األنانية الفردية والتي يكرسها بعض األفـراد بسلوكيات منفرة ال تنسجم مع الحق العام. الحمد لله ثم الشكر لجماهيرنا في روسيا وكشافتنا في هولندا وهم يثبتون لنا أننا قـادرون على أن نصبح «كويسني» حتى في داخل الـوطـن، وأن نكون منضبطني في بالدنا مثلما نفعل في الخارج، وأن نتعامل مع مرافقنا العامة ومع «حالل» الدولة باعتباره حاللنا وأنها ممتلكاتنا وهي مرافقنا، وأن نوطن أنفسنا على اعتبار أن كل ما تصنعه الدولة هو حق مكتسب لجميع املواطنني.