زوجة الشهيد.. فخر الصناعة
املكان: سري الزمن: أوائل التسعينات امليالدية الراوي: أمي *** أشـعـلـت كـلـثـوم سـيـجـارتـهـا، ثــم أخـــذت نفسا عميقا نفثته في أرجاء باحة املدرسة.. التقطت املصحف من حقيبتها القماشية وطـلـبـت أن تــراجــع مـعـي حفظها لــســورة تــبــارك. لكني رفضت بشدة وباستغراب كيف تتم مراجعة ســورة مـن الـقـرآن الكريم وسـط دخــان السجائر الخبيثة! عــاودت إخــراج علبة السجائر من حقيبتها القماشية، ووضعتها أمام عيني قائلة: هذا إيراني إسالمي، وليس كافرا أمريكيا. كلثوم امــرأة إيرانية شابة قتل زوجـهـا بعد مــرور 3 أشهر من زواجــهــمــا، فــي الــحــرب الـعـراقـيـة اإليــرانــيــة، كــان ذلــك فــي أواخر الثمانينات امليالدية، وبحسب فتوى املرشد األعلى - آنذاك - آيه الله الخميني، فهي زوجة الشهيد التي ال يحق لها أن تتزوج من بعده، حتى وإن رغبت في الزواج، وذلك تكريما للشهيد. كانت كلثوم تنفس عن قدرها الذي جعلها زوجة شهيد بشيئني: حفظ القرآن الكريم، والتدخني بشراهة، ولكن بسجائر إيرانية الصنع.. لم ال وإيران بلد التبغ الذي كان يصدر لتالبوت معامل السجائر اإلنجليزية الشهيرة في القرن التاسع عشر، ملدة نصف قـرن، ثم جـاءت ثـورة التبغ (نهضت تنباكو) وكانت أول ثورة للشعب اإليراني في وجه الدولة لتغيير الواقع، بدء ا من الفتاوى التي حرمت عليهم التبغ لتبيعه، وتمنح شركة إنجليزية حق االمتياز في الحصول على التبغ اإليراني.. مــثــلــمــا كـــانـــت ســجــائــر الــتــبــغ اإليـــــرانـــــي فـــخـــرا لــلــصــنــاعــة في التسعينات امليالدية بعد أن أصبح زيتهم في دقيقهم، كذلك كان مسمى (زوجـة الشهيد) فخر صناعة (انقالب إسالمي إيراني) منذ الثمانينات امليالدية وحتى اآلن.. بينما كلثوم التي ربما ختمت القرآن الكريم عالقة بني الفخرين.. فخر الصناعة األولى، وفخر الصناعة الثانية!