روسيا البديل األول للتعاون االقتصادي والثقافي
رغــم انـهـيـار االتــحــاد السوفيتي وظــهــور دول مستقلة لـهـا كـيـانـهـا الـسـيـاسـي واالقتصادي ومنها (روسيا)، ورغم انهيار النظام االشتراكي في هذه الدول والتحول إلى النظام الرأسمالي، ورغم الخطط السريعة التي اتخذتها بعض هذه الدول في التحول والتطور في مختلف املجاالت، إال أننا ما زلنا نتجاهل هذه الدول في مختلف مجاالت التعاون مركزين على شركائنا القدامى مثل دول أوروبا الغربية والواليات املتحدة األمريكية، وإن كانت هناك مبادرات إيجابية من اململكة العربية السعودية لفتح أبــواب التعاون مع روسيا منذ عـام ،م1994 حيث تم توقيع اتفاقية تـعـاون فـي مـجـاالت الـتـجـارة واالقـتـصـاد واستثمار األمــوال والعلوم والتقنية والثقافة والرياضة والشباب، ثم تطورت هذه االتفاقية وأدخل التعاون في مجال النفط والغاز والعلوم والتقنية، ثم أضيفت في عـام )م2007( االتصاالت الـجـويـة والـثـقـافـيـة وتــبــادل املـعـلـومـات والــتــعــاون املصرفي والتوقيع على معاهدة تفادي دفـع الضريبة املـزدوجـة على املداخيل والرساميل. وفي عام )م2015( خالل زيارة سمو األمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد إلى روسيا تم التوقيع على اتفاقية تـعــاون السـتـخـدام الـطـاقـة الـنـوويـة ألغـــراض سلمية، وعلوم الفضاء واإلسـكـان وفــرص استثمارية متنوعة، وتـم التأكيد في هذه االتفاقية على ضرورة تطوير الشراكة املستقبلية بني البلدين وتطورت أرقام التبادل التجاري بني البلدين ووصلت إلــى حـوالـى ثـالثـة مـلـيـارات ريـــال، ويعتبر فـي وجـهـة نظري رقما متواضعا جدا أمام حجم التبادل التجاري مع الواليات املتحدة ودول أوروبـا الغربية، رغم أن روسيا بها إمكانيات ضخمة في مختلف املجاالت منها العلمية والتكنولوجيا، وبـاإلمـكـان االسـتـفـادة منها فـي مـشـاريـع اململكة املستقبلية مثل الطاقة والتنقيب الجيولوجي والتعدين والصناعات الـبـتـروكـيـمـاويـة وبــنــاء نــاقــالت الـنـفـط والــتــدريــب والرعاية الصحية والـبـنـيـة التحتية والــعــقــار والتقنية واالتصاالت وتصنيع الشاحنات واملعدات الزراعية والصناعات الدوائية. وهذه بعض مجاالت التميز لدى روسيا االتحادية ويضاف لها التقنية الزراعية وجميع هذه املجاالت املتطورة نتجت من نظام تعليم متميز في جميع املراحل وعلى وجه الخصوص الــتــعــلــيــم الــجــامــعــي والــتــعــلــيــم الــعــالــي والــــــذي تـــخـــرج منه العلماء واألطباء الـروس املشهورون وعلماء الـذرة والفضاء وعلماء الصناعات الحربية والطائرات التجارية والحربية والغواصات واألساطيل البحرية، وهذا يؤكد أن هناك علما متطورا منافسًا للعلم والتطور األمريكي واألوروبـي ولكننا نجهله نتيجة بـعـدنـا واسـتـبـعـادنـا لــه فــي عـصـر الشيوعية واالشـتـراكـيـة واألنـظـمـة املتبعة فـي عهد االتــحــاد السوفيتي وخوفا من انتشار هذا النظام تضاءلت العالقات إلى حدها األدنى ووقفت البعثات الدراسية إلى االتحاد السوفيتي، وفي بعض األحيان تم رفض شهادات جامعات االتحاد السوفيتي، وبالتالي كنا على بعد عما يجري من تطور في هذه الدول. أما اليوم وبعد انهيار النظام الشيوعي والتحول إلى النظام الــرأســمــالــي وبــعــد تـفـكـك االتــحــاد الـسـوفـيـتـي، وبــعــد توقيع اتفاقيات التعاون مع دولة روسيا االتحادية واململكة العربية السعودية، أرى أنــه مـن الــضــروري تحويل بوصلة التعاون فـي جميع املــجــاالت وعـلـى وجــه الخصوص املـجـال الثقافي والتعليمي مؤكدا أن في روسيا جامعات على مستوى عاملي وهناك نظام تعليمي متميز أخرج علماء في مختلف املجاالت ويصعب استبعاد هذه الجامعات من دائرة اهتمامنا. وهذا ما يدفعني إلى املطالبة بالتوسع في مجال االبتعاث في مختلف املجاالت الطبية منها ومجاالت الهندسة والصناعة واالقتصاد. ومــن األجـــدى أن ال نـركـز على دولـــة أو دولــتــني فــي البعثات التعليمية والتنوع في التحصيل العلمي يفتح لنا األبواب للتعاون مع دول أخرى. وال يمكن أن تكون هناك دولــة مثل روسـيـا ثاني أقــوى دول العالم وأكبر منافس للواليات املتحدة في مجاالت الفضاء والتقنيات والتصنيع الحربي وتصنيع البتروكيماويات ومـن أكبر دولــة في مجال إنتاج الـغـاز، وال يكون لديها علم متقدم. لقد أثبتت روسيا بعد نجاح (مونديال روسيا )2018 بأنها دولـة متقدمة متحضرة تعمل بفكر اقتصادي متميز وأنها دولـــة سـيـاحـيـة تـنـافـس دول الـسـيـاحـة األخــــرى فــي أوروبــــا، وأجزم بأنه آن األوان لبناء شراكة قوية في مختلف املجاالت مع روسيا كدولة وروسيا كاقتصاد وروسيا كشعب. متطلعا إلــى أن يـوجـه صــنــدوق االســتــثــمــارات الـعـامـة جزءا مـن استثماراته الخارجية إلــى روســيــا، كما أدعــو الشركات الـسـعـوديـة االسـتـثـمـاريـة إلــى دراســـة اإلمـكـانـيـات املـتـاحـة في روسيا ألنها الزالت هناك فرص جاذبة لالستثمار.