«دوجنوان» والتحول املناطقي الكبير
لطاملا اعتمدت مدينة «دونــجــوان» الصينية على صناعة وتصدير األحــذيــة وألــعــاب األطــفــال واإللـكـتـرونـيـات قـبـل انـــدالع األزمـــة املالية عام ،2008 وتضررت منها هذه املدينة أكثر من غيرها، قبل أن تهب الحكومة إلنقاذها عندما أطلق عمدة املدينة مبادرة الستبدال البشر باملاكينات التي مولتها الحكومة آنذاك بـ03 مليون دوالر (سنويا)، عندها برهنت شركاتها الناشئة على مدى االستجابة لهذه التحديات من خالل مشاريع ومبادرات جديرة باالستثمار في قطاع الروبوتات الصناعية والبرامج اإللكترونية واآلالت الدقيقة، وتعهدت الحكومة حينها باملساهمة بـ02% من الفاتورة وبشكل سنوي أيضا، وفي حن كــان لــدى شركة «مينتك» على سبيل املـثـال اآلالف مـن العمال الذين يعملون بطريقه تقليدية، وبما يزيد عن حاجة الشركة، أصبحت هذه الشركة بعد تحقيق هذه التحوالت اإللكترونية الكبرى تضع إعالنا على مدخل املصنع تقول فيه: (نضمن لك راتبًا يصل إلى 1100 دوالر وإقـامـة مجانية وخدمة «واي فــاي» وهـدايـا ثمينة في عيد امليالد)، وذلك لجلب املزيد من العمال، كل ما في األمر أن الشركة توصلت إلى حلول ألتمتة املصنع بالكامل بعد أن قضوا عامن يواصلون الليل بالنهار من أجل تعديل نظام املاكينات التقليدي، ومثل هذا التحول جــر مـعـه بقية الــشــركــات، لــدرجــه أن املـديـنـة أصـبـحـت مـقـرًا لصناعة الـروبـوتـات الذكية بعد تأسيس معهد «جـونـجـدونـج» للروبوتات، وذلـــك للمساهمة فــي تـحـديـث بقية املـصـانـع الـتـي اجتاحتها حمى التغيير، ومن هنا بدأت خطط التحول الكامل للصن التي سوف يتم استكمالها عام .2025 الشاهد أنه من تحت رماد هذه األزمة تحققت املعجزة االقتصادية لهذه املقاطعة، ومنها ارتفاع دخل الفرد إلى 4 أضعاف ما كان عليه خالل عقد واحـد فقط، والثاني، وهو األهـم، أن هذه التجربة املناطقية كانت الشرارة نحو التحول املركزي للصن، وليس العكس، والــذي من خالله تسعى الصن لتحقيق 300 مليار دوالر بعد استكمال أتمتة سلسلة مـن الصناعات املماثلة فـي بقية املقاطعات األخــرى، وهـو ما سـوف يلحق الصن بالثورة الصناعية الرابعة عام .2025 املـبـادرات والتحوالت االقتصادية الناجحة ال يعني أن تكون دائما مركزية، وإنما يمكن أن تكون مبادرات مناطقية تشكل رأس الحربة فــي عمليات التغيير والــتــحــول، تـدعـم مــن الـحـكـومـات وتـتـحـول إلى مركزية في نهاية املطاف، مع إعطاء كل مقاطعة مساحة كافية للبحث عن ذاتها االقتصادية وتكوين هويتها لبناء اقتصاد مناطقي رديف لالقتصاد املركزي من خالل نظام مرن يخلق التنافسية ويحقق امليزة النسبية للمساهمة في تحقيق التحول الوطني الكبير.