دواعش أوروبا.. الفصل املفقود في سورية
على هامش الصراع في سورية، يبقى «داعش» ومخلفاته الــهــاجــس األكـــبـــر لـــلـــدول األوروبــــيــــة وســـوريـــة عــلــى وجه الخصوص، وهـي املعضلة املسكوت عنها في سـوريـة، إذ تمارس جميع الدول املعنية في مواطنيها سياسة النعامة تــجــاه مــا يعنيها فــي ســوريــة، وكـــأن ســوريــة تـحـولـت إلى محرقة حقيقية لكل العناصر الشاذة واملنبوذة من بلدها. أما أطفال وعائالت «داعش» من الجانب األوروبي فيبقى اللغز املحير، فهناك على سبيل املثال 370 عائلة أجنبية بني مصرية وتونسية وهولندية -على وجه الخصوصبينما تستحوذ الـعـائـالت الفرنسية فـي مخيم روج على النصيب األكبر، إذ هناك 25 عائلة فرنسية داعشية في ذلك املخيم فـي مدينة ديـريـك شمال سـوريـة.. أمـا عـدد األطفال فقد بلغ نحو 1000 طفل. سـألـنـا الـقـائـمـني الــكــرد عـلـى هـــذا املــخــيــم: مــا مـصـيـر هذه العائالت الداعشية، وملاذا ال يتم تسليمها إلى دولها؟ فـكـان الــجــواب اســألــوا الحكومات املـسـؤولـة عـن مواطنيها. فــاإلدارة الذاتية في شمال سورية أثقلتها التكاليف املادية لـــهـــذه املــخــيــمــات، بــيــنــمــا يــشــيــر أحــــد املـــســـؤولـــني عـــن هذه املخيمات إلى تفاقم هذه األزمة مع اقتراب الحملة العسكرية على ما تبقى من جيوب «داعش» في ريف البوكمال (هجني مصيرهم؟ السوسة - الشعفة).. إذًا؛ ملاذا تتجاهل الحكومات األوروبية السؤال عن دواعشهم في سورية.. وما هو مــصــيــر هــــذه األعــــــداد مـــن الــــدواعــــش األوروبــــيــــني، مسألة •• كان ذلك في عام شائكة ال تـزال قيد التداول مع الحكومات األوروبـيـة، فقد قـال املتحدث باسم قـوات سورية الديموقراطية مصطفى بالي في تصريح إلى «عكاظ»: لدينا معتقلون من «داعش» ينتمون إلـى 42 دولــة في العالم وهـم قيد االحتجاز بعد انتهاء التحقيقات معهم. وأضـــــــاف بـــالـــي: تـــواصـــلـــت اإلدارة الـــذاتـــيـــة مـــع كـــل هذه الـــدول الـتـي يـتـواجـد مقاتلوها فــي سـجـون قـــوات سورية الديموقراطية، من أجل استالم مواطنيهم، إال أن األغلبية لم تكن متفاعلة، باستثناء دولة إندونيسيا وروسيا اللتني تسلمتا مواطنيهما عبر اإلجراءات الرسمية املتبعة. وأكــــد أن الــــدول األوروبـــيـــة عــلــى وجـــه الــتــحــديــد، لــم تستلم مواطنيها ولم تتفاعل بإيجابية مع هذا امللف، الفتًا إلى أن مصير هؤالء املقاتلني املتورطني بالقتل والقتال، سيعرضون على املحاكم في شمال سورية وفق الظروف املتاحة. أما عائالت الدواعش، فهم حتى اآلن في املخيمات، وال نعلم إذا كان بإمكاننا مستقبال إخراجهم وإيواؤهم إلى مساكن خاصة، لكن -حتى اآلن- هذه اإلمكانية غير متوفرة. على ما يبدو تريد أوروبا التهرب من مواطنيها املقاتلني في سورية، وفي كل مرة تحاول هذه الدول األوروبية إيجاد اآلليات للتعامل مع كل من قاتل في سورية، بينما تتكدس مئات املقاتلني مع أطفالهم في مخيمات الصحراء. الخوف األوروبي األكبر، من مصطلح ما يسمى بـ«الذئاب املــــنــــفــــردة»، والــــخــــوف يــكــمــن فــــي عـــودتـــهـــم إلـــــى بالدهم ومـمـارسـة نشر هــذا الفكر أو على األقـــل الـقـيـام بعمليات إرهابية مجددًا، رغم أن هذه الذئاب أكدت في أكثر من حوار مع «عكاظ» أنها تفضل سجون بالدها على أن تبقى في مصير مجهول وسط هذه املخيمات. لــقــد تــحــولــت أزمــــة مــخــلــفــات تـنـظـيـم داعــــش إلـــى عبء عـلـى ســوريــة، بينما تتجاهل أوروبــــا مواطنيها على األرض السورية، بذريعة أنهم إرهابيون، لكن في نهاية املطاف هؤالء الدواعش يحملون جنسية دول أوروبية عريقة مثل فرنسا وهولندا وأملانيا، التي تتملص من مواطنيها وتعتبرهم قنبلة موقوتة يمكن أن تنفجر في أية لحظة. هــذا املـوقـف األوروبـــي يقترب كثيرًا مـن نظرية التخلص من العناصر املتطرفة وزجهم في املحرقة السورية، إال أن السؤال يـبـقـى مــــاذا فــي حـــال الــحــل الـسـيـاسـي لــأزمــة الــســوريــة.. أين ستذهب هذه العائالت، ففي سورية ما يكفيها من آالم ومآس. لقد أصبحت مشكلة «داعش» مشكلة دولية تتحمل الدول تداعياتها كل على حسب مشاركة مواطنيها في العمليات اإلرهابية. أما بقاء هذه املجموعات الضخمة على األرض السورية فإنه سيزيد تفاقم ظاهرة التطرف، والسيما أن سورية ال زالت في حالة أزمة وحالة استقطاب ديني. وقد علمت «عكاظ» على سبيل املثال أن الدولة الفرنسية، ال تريد التعامل على اإلطالق مع مواطنيها، وهي تحاول بشتى الطرق إبعاد هذه العناصر عن أراضيها.