امللك سلمان يقود املصاحلات برؤى أخوية
لم تتوقف اململكة عند املحطة األفغانية في مصالحاتها بن الفرقاء، من أجل لم الشمل، وإيجاد حلول للصراعات، التي قادت إلى حروب طاحنة، وأدت إلـى قتل األبـريـاء، وتدمير البنى التحتية لــدول عانت الكثير من الــويــالت، لــوال أن تدخلت الـقـيـادة السعودية، وأوقـفـت حـمـام الــدم الذي تسبب في نزيفه قوى إقليمية، ما زالت تبث سمومها في كل اتجاه.
وألن للمملكة مـكـانـتـهـا اإلســالمــيــة، بـثـقـلـهـا الــســيــاســي واالقتصادي واألمني والعسكري، وما تحظى به من تقدير واحترام عاملي وإقليمي على الصعيدين الرسمي والشعبي، لم تتردد يوما في استثمار كل هذا من أجل إطفاء نار الحروب املستعرة، وإنهاء الخالفات التي طال أمدها بن الدول الشقيقة والصديقة، ال ترجو من وراء ذلك سوى لم شمل األمة اإلسالمية وتوحيدها على كلمة سواء ملواجهة التحديات التي تهددها، وفـي مقدمتها اإلصــرار اإليـرانـي على التغلغل في األوســاط اإلسالمية، لنشر الفكر اإلرهابي، من خالل الطائفية املقيتة، في محاولة لالستحواذ على الحكومات، واستغالل الشعوب لتنفيذ أجنداته التي تعتمد على زعزعة األمـن واالسـتـقـرار، والنفاذ من خاللهما إلـى تكريس وجـود هذا الـنـظـام، الــذي يجد فـي الـنـزاعـات مستنقعا لبث سـمـومـه، والـعـمـل على استمرارية الخالفات وبث الفرقة. وفي املقابل يشهد الساسة واملتابعون لألوضاع امللتهبة، أن املصالحات التي تقودها اململكة، ال تقابلها أطماع سياسية أو جغرافية، أو حتى عسكرية، وإنما بهدف حل الخالفات لتهنأ شعوب العالم بحياة آمنة كريمة مستقرة. وتعد القمة الثالثية، (السعودية ــ اإلثيوبية ــ اإلريترية)، لتعزيز السالم في القرن األفريقي، والتي عقدت أمس األول (األحد)، برعاية خادم الحرمن الشريفن امللك سلمان بن عبدالعزيز، وحضور ولي العهد األمير محمد بن سلمان، وتوجت بتوقيع الرئيس اإلريتري أسياس أفورقي، ورئيس الــــوزراء اإلثـيـوبـي الـدكـتـور آبــي أحـمـد، اتـفـاقـا تاريخيا يـعـزز العالقات بـن البلدين، وينهي حالة الـعـداء بينهما التي امـتـدت لسنوات طويلة عقب استقالل إريتريا عن إثيوبيا، أوائل التسعينات من القرن املاضي، أنموذجا للسياسة السعودية، منذ عهد املؤسس امللك عبدالعزيز، والتي تتبنى دائما جمع األشقاء وتوحيد كلمتهم، وإنهاء الخالفات بينهم، ليبدأ على أساس هذه املبادرة السعودية عهد جديد من العالقات الثنائية بن الدولتن الجارتن، وطي صفحة القطيعة بن الحكومتن والشعبن. وما يؤكد حرص اململكة على توثيق هذا العهد الجديد، وبما ال يعطي الفرصة ألي خالف بعودة القطيعة مستقبال، جاءت الدعوة الحكيمة من امللك سلمان لألمن العام لألمم املتحدة أنطونيو غوتيريس، لحضور توقيع اتفاق السالم بن البلدين، إضافة إلـى رئيس مفوضية االتحاد األفريقي موسى فقي محمد. ولــعــل مــا يـطـمـئـن الــشــعــوب اإلســالمــيــة، أن خــالفــاتــهــا لــن تـسـتـمـر، وأن الصراعات بن أبناء الدين الواحد لن تـدوم، هو أن السياسة السعودية مستمرة فــي مسلسل املـصـالـحـات، مــن منطلق حرصها على أن يسود الـعـدل، وأن تخيم سحابة األمــن، وأن تغادر الـحـروب املـيـدان بال رجعة، ألن اململكة تــرى أنــه قـد حــان الـوقـت لبدء مرحلة البناء بــدال مـن الهدم، والوفاق بدال من الشقاق، والوئام محل الخالف، لتضطلع األمة اإلسالمية بمسؤوليتها العظمى وهي مواجهة التحديات، مستندة على كتاب الله وسنة رسوله.